( وأما السائل فلا تنهر )
ثم قال تعالى : ( وأما السائل فلا تنهر ) يقال : نهره وانتهره إذا استقبله بكلام يزجره ، وفي المراد من السائل قولان :
أحدهما : وهو اختيار الحسن أن المراد منه من يسأل العلم ونظيره من وجه : ( عبس وتولى أن جاءه الأعمى ) [عبس : 1 ، 2] وحينئذ يحصل الترتيب ، لأنه تعالى قال له أولا : ( ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك ضالا فهدى ووجدك عائلا فأغنى ) ثم اعتبر هذا الترتيب ، فأوصاه برعاية حق اليتيم ، ثم برعاية حق من يسأله عن العلم والهداية ، ثم أوصاه بشكر نعم الله عليه .
والقول الثاني : أن المراد مطلق السائل ولقد عاتب الله رسوله في القرآن في شأن الفقراء في ثلاثة مواضع :
أحدها : أنه قريش ، إذ جاء ، فتخطى رقاب الناس حتى جلس بين يديه ، وقال : علمني مما علمك الله ، فشق ذلك عليه فعبس وجهه فنزل ( ابن أم مكتوم الضرير عبس وتولى ) . كان جالسا وحوله صناديد
والثاني : حين قريش : لو جعلت لنا مجلسا وللفقراء مجلسا آخر فهم أن يفعل ذلك فنزل قوله : ( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم ) [الكهف : 28] . قالت له
والثالث : كان جالسا فجاءه عثمان بعذق من تمر فوضعه بين يديه فأراد أن يأكل فوقف سائل بالباب ، فقال : رحم الله عبدا يرحمنا ، فأمر بدفعه إلى السائل فكره عثمان ذلك ، وأراد أن يأكله النبي عليه السلام فخرج واشتراه من السائل ، ثم رجع السائل ففعل ذلك ثلاث مرات ، وكان يعطيه النبي عليه السلام إلى أن قال له النبي صلى الله عليه وسلم : أسائل أنت أم بائع ؟ فنزل : ( وأما السائل فلا تنهر ) .