الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            أما قوله : ( ولولا أن تصيبهم مصيبة ) الآية ، فقال صاحب " الكشاف " : ( لولا ) الأولى امتناعية وجوابها محذوف ، والثانية تحضيضية ، والفاء في قوله : ( فيقولوا ) للعطف ، وفي قوله للعطف . وفي قوله : ( فنتبع ) جواب ( لولا ) لكونها في حكم الأمر من قبل أن الأمر باعث على الفعل ، والباعث والمحضض من واد واحد ، والمعنى : ولولا أنهم قائلون إذا عوقبوا بما قدموا من الشرك والمعاصي : هلا أرسلت إلينا رسولا ، محتجين علينا بذلك لما أرسلنا إليهم ، يعني : إنما أرسلنا الرسول إزالة لهذا العذر ، وهو كقوله : ( لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ) ( أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير ) ( لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ) واعلم أنه تعالى لم يقل : ولولا أن يقولوا هذا العذر لما أرسلنا ، بل قال : ( ولولا أن تصيبهم مصيبة ) ( فيقولوا ) هذا العدو لما أرسلنا ، وإنما قال ذلك لنكتة ؛ وهي أنهم لو لم يعاقبوا مثلا وقد عرفوا بطلان دينهم لما قالوا ذلك ، بل إنما يقولون ذلك إذا نالهم العقاب ، فيدل ذلك على أنهم لم يذكروا هذا العذر تأسفا على كفرهم ، بل لأنهم ما أطاقوا ، وفيه تنبيه على استحكام كفرهم ورسوخه فيهم ، كقوله : ( ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه ) [ الأنعام : 28 ] .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية