الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            أما قوله تعالى : ( ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ) ففيه مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : قوله : ( ثلاث مرات ) يعني ثلاث أوقات ، لأنه تعالى فسرهن بالأوقات ، وإنما قيل ثلاث مرات للأوقات لأنه أراد مرة في كل وقت من هذه الأوقات ، لأنه يكفيهم أن يستأذنوا في كل واحد من هذه الأوقات مرة واحدة ، ثم بين الأوقات فقال : ( من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ) ، يعني الغالب في هذه الأوقات الثلاثة أن يكون الإنسان متجردا عن الثياب مكشوف العورة .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : قوله : ( ثلاث عورات ) قرأ أهل الكوفة : "ثلاث" بالنصب على البدل من قوله : ( ثلاث مرات ) وكأنه قال : في أوقات ثلاث عورات لكم ، فلما حذف المضاف أعرب المضاف إليه بإعرابه . وقراءة الباقين بالرفع ، أي : هي ثلاث عورات ، فارتفع لأنه خبر مبتدأ محذوف ، قال القفال : فكأنه المعنى ثلاث انكشافات ، والمراد وقت الانكشاف .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثالثة : العورة الخلل ومنه اعور الفارس واعور المكان ، والأعور المختل العين ، فسمى الله تعالى كل واحدة من تلك الأحوال عورة ، لأن الناس يختل حفظهم وتسترهم فيها .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الرابعة : الآية دالة على أن الواجب اعتبار العلل في الأحكام إذا أمكن ، لأنه تعالى نبه على العلة في هذه الأوقات الثلاثة من وجهين :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدهما : بقوله تعالى : ( ثلاث عورات لكم ) .

                                                                                                                                                                                                                                            والثاني : بالتنبيه على الفرق بين هذه الأوقات الثلاثة وبين ما عداها بأنه ليس ذاك إلا لعلة التكشف في هذه الأوقات الثلاثة ، وأنه لا يؤمن وقوع التكشف فيها ، وليس كذلك ما عدا هذه الأوقات .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية