أحدها : أنه لا يصح من طريق اللغة أن يقال لمن منع غيره من سلوك الطريق كرها وجبرا أنه أضله ، بل يقال : منعه منه وصرفه عنه ، وإنما يقولون : إنه أضله عن الطريق ، إذا لبس عليه وأورد من الشبهة ما يلبس عليه الطريق فلا يهتدي له .
وثانيها : أنه تعالى وصف إبليس وفرعون بكونهما مضللين ، مع أن فرعون وإبليس ما كانا خالقين للضلال في قلوب المستجيبين لهما بالاتفاق ، وأما عند الجبرية فلأن العبد لا يقدر على الإيجاد ، وأما عند القدرية فلأن العبد لا يقدر على هذا النوع من الإيجاد ، فلما حصل اسم المضل حقيقة مع نفي الخالقية بالاتفاق ، علمنا أن اسم المضل غير موضوع في اللغة لخالق الضلال .
[ ص: 128 ] وثالثها : أن الإضلال في مقابلة الهداية فكما صح أن يقال : هديته فما اهتدى ، وجب صحة أن يقال : أضللته فما ضل ، وإذا كان كذلك استحال ، وأما بحسب الدلائل العقلية فمن وجوه : حمل الإضلال على خلق الضلال
أحدها : أنه تعالى لو خلق الضلال في العبد ثم كلفه بالإيمان لكان قد كلفه بالجمع بين الضدين وهو سفه وظلم ، وقال تعالى : ( وما ربك بظلام للعبيد ) [ فصلت : 46 ] ، وقال : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) [ البقرة : 286 ] ، وقال : ( وما جعل عليكم في الدين من حرج ) [ الحج : 78 ] .
وثانيها : لو كان تعالى خالقا للجهل وملبسا على المكلفين لما كان مبينا لما كلف العبد به ، وقد أجمعت الأمة على كونه تعالى مبينا .
وثالثها : أنه تعالى لو خلق فيهم الضلال وصدهم عن الإيمان لم يكن لإنزال الكتب عليهم وبعثة الرسل إليهم فائدة ؛ لأن الشيء الذي لا يكون ممكن الحصول كان السعي في تحصيله عبثا وسفها .
ورابعها : أنه على مضادة كبيرة من الآيات نحو قوله : ( فما لهم لا يؤمنون ) [ الانشقاق : 20 ] ، ( فما لهم عن التذكرة معرضين ) [ المدثر : 49 ] ، ( وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا ) [ الإسراء : 94 ] ، فبين أنه لا مانع لهم من الإيمان البتة ، وإنما امتنعوا لأجل إنكارهم بعثة الرسل من البشر ، وقال : ( وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم ) [ الكهف : 55 ] ، وقال : ( كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ) [ البقرة : 28 ] ، وقال : ( فأنى تصرفون ) [ يونس : 32 ] وقال : ( فأنى تؤفكون ) [ الأنعام : 95 ] فلو كان الله تعالى قد أضلهم عن الدين وصرفهم عن الإيمان لكانت هذه الآيات باطلة .
وخامسها : أنه تعالى ذم إبليس وحزبه ومن سلك سبيله في إضلال الناس عن الدين وصرفهم عن الحق وأمر عباده ورسوله بالاستعاذة منهم بقوله تعالى : ( قل أعوذ برب الناس ) [ الناس : 1 ] إلى قوله : ( من شر الوسواس ) [ الناس : 4 ] و ( قل أعوذ برب الفلق ) [ الفلق : 1 ] ، ( وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين ) ، ( فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ) ، فلو كان الله تعالى يضل عباده عن الدين كما تضل الشياطين لاستحق من المذمة مثل ما استحقوه ولوجب الاستعاذة منه كما وجب منهم ، ولوجب أن يتخذوه عدوا من حيث أضل أكثر خلقه كما وجب اتخاذ إبليس عدوا لأجل ذلك ، قالوا : بل خصيصية الله تعالى في ذلك أكثر ؛ إذ تضليل إبليس سواء وجوده وعدمه فيما يرجع إلى حصول الضلال ، بخلاف تضليل الله فإنه هو المؤثر في الضلال ، فيلزم من هذا تنزيه إبليس عن جميع القبائح وإحالتها كلها على الله تعالى ، فيكون الذم منقطعا بالكلية عن إبليس وعائدا إلى الله ، سبحانه وتعالى عن قول الظالمين .
وسادسها : أنه تعالى أضاف الإضلال عن الدين إلى غيره وذمهم لأجل ذلك ، فقال : ( وأضل فرعون قومه وما هدى ) [ طه : 79 ] ، ( وأضلهم السامري ) [ طه : 85 ] ، ( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ) [ الأنعام : 116 ] ، ( إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب ) [ ص : 26 ] ، وقوله تعالى حاكيا عن إبليس : ( ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم ) [ النساء : 119 ] ، فهؤلاء إما أن يكونوا قد أضلوا غيرهم عن الدين في الحقيقة أو يكون الله هو الذي أضلهم أو حصل الإضلال بالله وبهم على سبيل الشركة ، فإن كان الله تعالى قد أضلهم عن الدين دون هؤلاء فهو سبحانه وتعالى قد تقول عليهم إذ [ ص: 129 ] قد رماهم بدأبه وعابهم بما فيه وذمهم بما لم يفعلوه ، والله متعال عن ذلك ، وإن كان الله تعالى مشاركا لهم في ذلك فكيف يجوز أن يذمهم على فعل هو شريك فيه ومساو لهم فيه ، وإذا فسد الوجهان صح أن لا يضاف خلق الضلال إلى الله تعالى .
وسابعها : أنه تعالى ذكر أكثر الآيات التي فيها ذكر الضلال منسوبا إلى العصاة على ما قال : ( وما يضل به إلا الفاسقين ) ، ( ويضل الله الظالمين ) [ إبراهيم : 27 ] ، ( إن الله لا يهدي القوم الكافرين ) [ المائدة : 67 ] ، ( كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب ) [ غافر : 34 ] ، ( إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب ) [ غافر : 28 ] ، فلو كان المراد بالضلال المضاف إليه تعالى هو ما هم فيه ، كان كذلك إثباتا للثابت وهذا محال .
وثامنها : أنه تعالى نفى إلهية الأشياء التي كانوا يعبدونها من حيث إنهم لا يهدون إلى الحق ، قال : ( أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى ) [ يونس : 35 ] ، فنفى ربوبية تلك الأشياء من حيث إنها لا تهدي ، وأوجب ربوبية نفسه من حيث إنه سبحانه وتعالى يهدي ، فلو كان سبحانه وتعالى يضل عن الحق لكان قد ساواهم في الضلال وفيما لأجله نهى عن اتباعهم ، بل كان قد أربى عليهم ؛ لأن الأوثان كما أنها لا تهدي فهي لا تضل ، وهو سبحانه وتعالى مع أنه إله يهدي فهو يضل .
وتاسعها : أنه تعالى يذكر هذا الضلال جزاء لهم على سوء صنيعهم وعقوبة عليه ، فلو كان المراد ما هم عليه من الضلال كان ذلك عقوبة وتهديدا بأمر هم له ملابسون ، وعليه مقبلون ، وبه ملتذون ومغتبطون ، ولو جاز ذلك لجازت العقوبة بالزنا على الزنا وبشرب الخمر على شرب الخمر ، وهذا لا يجوز .
وعاشرها : أن قوله تعالى : ( وما يضل به إلا الفاسقين الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ) صريح في أنه تعالى إنما يفعل به هذا الإضلال بعد أن صار هو من الفاسقين الناقضين لعهد الله باختيار نفسه ، فدل ذلك على أن هذا الإضلال الذي يحصل بعد صيرورته فاسقا وناقضا للعهد مغاير لفسقه ونقضه .
وحادي عاشرها : أنه تعالى فسر الإضلال المنسوب إليه في كتابه ، إما بكونه ابتلاء وامتحانا ، أو بكونه عقوبة ونكالا ، فقال في الابتلاء : ( وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ) [ المدثر : 31 ] أي امتحانا ، إلى أن قال : ( كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء ) [ المدثر : 31 ] ، فبين أن إضلاله للعبد يكون على هذا الوجه من إنزاله آية متشابهة أو فعلا متشابها لا يعرف حقيقة الغرض فيه ؛ والضال به هو الذي لا يقف على المقصود ولا يتفكر في وجه الحكمة فيه بل يتمسك بالشبهات في تقرير المجمل الباطل كما قال تعالى : ( فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ) [ آل عمران : 7 ] ، وأما العقوبة والنكال فكقوله : ( إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون ) [ غافر : 71 ] ، إلى أن قال : ( كذلك يضل الله الكافرين ) [ غافر : 74 ] فبين أن إضلاله لا يعدو أحد هذين الوجهين ، وإذا كان الإضلال مفسرا بأحد هذين الوجهين وجب أن لا يكون مفسرا بغيرهما دفعا للاشتراك ، فثبت أنه لا يجوز حمل الإضلال على خلق الكفر والضلال ، وإذا ثبت ذلك فنقول : بينا أن الإضلال في أصل اللغة الدعاء إلى الباطل والترغيب فيه والسعي في إخفاء مقابحه ، وذلك لا يجوز على الله تعالى فوجب المصير إلى التأويل ، والتأويل الذي ذهبت الجبرية إليه قد أبطلناه ، فوجب المصير إلى وجوه أخر من التأويلات :
أحدها : أن الرجل إذا ضل باختياره عند حصول شيء من غير أن يكون ذلك الشيء أثر في [ ص: 130 ] إضلاله فيقال لذلك الشيء : إنه أضله ، قال تعالى في حق الأصنام ( رب إنهن أضللن كثيرا من الناس ) [ إبراهيم : 36 ] ، أي ضلوا بهن ، وقال : ( ولا يغوث ويعوق ونسرا وقد أضلوا كثيرا ) [ نوح : 23 ، 24 ] ، أي ضل كثير من الناس بهم ، وقال : ( وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا ) [ المائدة : 64 ] ، وقال : ( فلم يزدهم دعائي إلا فرارا ) [ نوح : 6 ] ، أي لم يزدادوا بدعائي لهم إلا فرارا ، وقال : ( فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري ) [ المؤمنون : 110 ] ، وهم لم ينسوهم في الحقيقة بل كانوا يذكرونهم الله ويدعونهم إليه ، ولكن لما كان اشتغالهم بالسخرية منهم سببا لنسيانهم أضيف الإنساء إليهم ، وقال في براءة : ( وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا ) [ التوبة : 124 ] ، ( فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون ) [ التوبة : 124 ] ، ( وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم ) [ التوبة : 125 ] . فأخبر سبحانه أن نزول السورة المشتملة على الشرائع يعرف أحوالهم ، فمنهم من يصلح عليها فيزداد بها إيمانا ، ومنهم من يفسد عليها فيزداد بها كفرا ، فإذن أضيفت الزيادة في الإيمان والزيادة في الكفر إلى السورة ، إذ كانوا إنما صلحوا عند نزولها وفسدوا كذلك أيضا ، فكذا أضيف الهدى والإضلال إلى الله تعالى إذا كان إحداثهما عند ضربه تعالى الأمثال لهم ، وقال في سورة المدثر : ( وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ) [ المدثر : 31 ] ، فأخبر تعالى أن ذكره لعدة خزنة النار امتحان منه لعباده ليتميز المخلص من المرتاب ، فآلت العاقبة إلى أن صلح عليها المؤمنون وفسد الكافرون ، وأضاف زيادة الإيمان وضدها إلى الممتحنين ، فقال : (ليزداد) (وليقول) ثم قال بعد قوله : ( ماذا أراد الله بهذا مثلا ) : ( كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء ) [ المدثر : 31 ] ، فأضاف إلى نفسه إضلالهم وهداهم بعد أن أضاف إليهم الأمرين معا ، فبين تعالى أن الإضلال مفسر بهذا الامتحان ، ويقال في العرف أيضا : أمرضني الحب ؛ أي مرضت به ، ويقال : قد أفسدت فلانة فلانا ، وهي لم تعلم به ، وقال الشاعر :
دع عنك لومي فإن اللوم إغراء
أي يغري الملوم باللوم .
والإضلال على هذا المعنى يجوز أن يضاف إلى الله تعالى على معنى أن الكافرين ضلوا بسبب الآيات المشتملة على الامتحانات ، ففي هذه الآية الكفار لما قالوا : ما الحاجة إلى الأمثال وما الفائدة فيها ، واشتد عليهم هذا الامتحان ، حسنت هذه الإضافة .
وثانيها : أن الإضلال هو التسمية بالضلال ، فيقال : أضله ؛ أي سماه ضالا وحكم عليه به ، وأكفر فلان فلانا : إذا سماه كافرا ، وأنشدوا بيت الكميت :
وطائفة قد أكفروني بحبكم وطائفة قالوا مسيء ومذنب
وقال طرفة :
وما زال شربي الراح حتى أضلني صديقي وحتى ساءني بعض ذلكا
أراد سماني ضالا .
وهذا الوجه مما ذهب إليه قطرب وكثير من المعتزلة ، ومن أهل اللغة من أنكره ، وقال : إنما يقال : ضللته تضليلا : إذا سميته ضالا ، وكذلك فسقته وفجرته : إذا سميته فاجرا فاسقا ، وأجيب عنه بأنه متى صيره في نفسه ضالا لزمه أن يصير محكوما عليه بالضلال ، فهذا الحكم من لوازم ذلك التصيير ، وإطلاق اسم الملزوم على اللازم مجاز مشهور وأنه مستعمل أيضا لأن الرجل إذا قال لآخر : فلان ضال ، جاز أن يقال له : لم جعلته ضالا ؟ ويكون المعنى : لم سميته بذلك ولم حكمت به عليه ؟ فعلى هذا الوجه حملوا الإضلال على [ ص: 131 ] الحكم والتسمية .
وثالثها : أن يكون الإضلال هو التخلية وترك المنع بالقهر والجبر ، فيقال : أضله : إذا خلاه وضلاله ، قالوا : ومن مجازه قولهم : أفسد فلان ابنه وأهلكه ودمر عليه : إذا لم يتعهده بالتأديب ، ومثله قول العرجي :
أضاعوني وأي فتى أضاعوا ليوم كريهة وسداد ثغر
ويقال لمن ترك سيفه في الأرض الندية حتى فسد وصدئ : أفسدت سيفك وأصدأته .
ورابعها : الضلال والإضلال هو العذاب والتعذيب ، بدليل قوله تعالى : ( إن المجرمين في ضلال وسعر يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر ) [ القمر : 47 ، 48 ] ، فوصفهم الله تعالى بأنهم يوم القيامة في ضلال ، وذلك لا يكون إلا عذابهم ، وقال تعالى : ( إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون ثم قيل لهم أين ما كنتم تشركون من دون الله قالوا ضلوا عنا بل لم نكن ندعو من قبل شيئا كذلك يضل الله الكافرين ) [ غافر : 71 : 74 ] ، فسر ذلك الضلال بالعذاب .
وخامسها : أن يحمل الإضلال على الإهلاك والإبطال كقوله : ( الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم ) [ محمد : 1 ] ، قيل : أبطلها وأهلكها ، ومن مجازه قولهم : ضل الماء في اللبن : إذا صار مستهلكا فيه ، ويقال : أضللته أنا : إذا فعلت ذلك به فأهلكته وصيرته كالمعدوم ، ومنه يقال : أضل القوم ميتهم : إذا واروه في قبره فأخفوه حتى صار لا يرى ، قال النابغة :
وآب مضلوه بعين جلية وغودر بالجولان حزم ونائل
وقال تعالى : ( وقالوا أئذا ضللنا في الأرض أئنا لفي خلق جديد ) [ السجدة : 10 ] ، أي أئذا اندفنا فيها فخفيت أشخاصنا ، فيحتمل على هذا المعنى : يضل الله إنسانا ؛ أي يهلكه ويعدمه فتجوز إضافة الإضلال إليه تعالى على هذا الوجه ، فهذه الوجوه الخمسة إذا حملنا الإضلال على الإضلال عن الدين .
وسادسها : أن يحمل الإضلال على الإضلال عن الجنة ، قالت المعتزلة : وهذا في الحقيقة ليس تأويلا بل حملا للفظ على ظاهره ، فإن الآية تدل على أنه تعالى يضلهم وليس فيها دلالة على أنه عن ماذا يضلهم ، فنحن نحملها على أنه تعالى يضلهم عن طريق الجنة ، ثم حملوا كل ما في القرآن من هذا الجنس على هذا المحمل ، وهو اختيار الجبائي ، قال تعالى : ( كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير ) [ الحج : 4 ] أي يضله عن الجنة وثوابها . هذا كله إذا حملنا الهمزة في الإضلال على التعدية .
وسابعها : أن نحمل الهمزة لا على التعدية بل على الوجدان على ما تقدم في أول هذه المسألة بيانه ، فيقال : أضل فلان بعيره ؛ أي ضل عنه ، فمعنى إضلال الله تعالى لهم أنه تعالى وجدهم ضالين .
وثامنها : أن يكون قوله تعالى : ( يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا ) من تمام قول الكفار فإنهم قالوا : ماذا أراد الله بهذا المثل الذي لا يظهر وجه الفائدة فيه ، ثم قالوا : يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا ، وذكروه على سبيل التهكم ، فهذا من قول الكفار ، ثم قال تعالى جوابا لهم : ( وما يضل به إلا الفاسقين ) أي ما أضل به إلا الفاسق . هذا مجموع كلام المعتزلة .