المسألة الثانية : هذه الآية تدل على كثير من أحكام الزكاة .
الحكم الأول
أن قوله :( خذ من أموالهم ) يدل على أن القدر المأخوذ بعض تلك الأموال لا كلها إذ مقدار ذلك البعض غير مذكور ههنا بصريح اللفظ ، بل المذكور ههنا قوله :( صدقة ) ومعلوم أنه ليس المراد منه التنكير حتى يكفي أخذ أي جزء كان ، وإن كان في غاية القلة ، مثل الحبة الواحدة من الحنطة أو الجزء الحقير من الذهب ، فوجب أن يكون المراد منه صدقة معلومة الصفة والكيفية والكمية عندهم ، حتى يكون قوله :( خذ من أموالهم صدقة ) أمرا بأخذ تلك الصدقة المعلومة ، فحينئذ يزول الإجمال . ومعلوم أن تلك الصدقة ليست إلا الصدقات التي وصفها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين كيفيتها ، والصدقة التي بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هي أنه أمر [ ص: 142 ] بأن ، وفي ستة وثلاثين بنت لبون ، إلى غير ذلك من المراتب ، فكان قوله :( يؤخذ في خمس وعشرين بنت مخاض خذ من أموالهم صدقة ) أمرا بأن يأخذ تلك الأشياء المخصوصة والأعيان المخصوصة ، وظاهر الآية للوجوب ، فدل هذا النص على أن أخذها واجب ، وذلك يدل على أن على ما هو قول القيمة لا تكون مجزأة - رحمه الله - . الشافعي
الحكم الثاني
أن قوله :( من أموالهم صدقة ) يقتضي أن يكون المال مالا لهم ، ومتى كان الأمر كذلك لم يكن الفقير شريكا للمالك في النصاب ، وحينئذ يلزم أن تكون الزكاة متعلقة بالذمة وأن لا يكون لها تعلق البتة بالنصاب .
وإذا ثبت هذا فنقول : إنه إذا ، فالذي هلك ما كان محلا للحق ، بل محل الحق باق كما كان ، فوجب أن يبقى ذلك الوجوب بعد هلاك النصاب كما كان ، وهذا قول فرط في الزكاة حتى هلك النصاب - رحمه الله - . الشافعي
الحكم الثالث
ظاهر هذا العموم يوجب ، وفي مال الضمان ، وهو ظاهر . الزكاة في مال المديون
الحكم الرابع
ظاهر الآية يدل على أن ، فلا تجب إلا حيث تصير طهرة عن الآثام ، وكونها طهرة عن الآثام لا يتقرر إلا حيث يمكن حصول الآثام ، وذلك لا يعقل إلا في حق البالغ ، فوجب أن لا يثبت وجوب الزكاة إلا في حق البالغ كما هو قول الزكاة إنما وجبت طهرة عن الآثام - رحمه الله - ، إلا أن أبي حنيفة - رحمه الله - يجيب ويقول : إن الآية تدل على أخذ الصدقة من أموالهم ، وأخذ الصدقة من أموالهم يستلزم كونها طهرة ، فلم قلتم إن أخذ الشافعي طهرة ; لأنه لا يلزم من انتفاء سبب معين انتفاء الحكم مطلقا ؟ الزكاة من أموال الصبي والمجنون