[ ص: 172 ] nindex.php?page=treesubj&link=28889 ( سورة التوبة )
مدنية ، إلا الآيتين الأخيرتين فمكيتان
وآياتها "129" نزلت بعد المائدة
قال صاحب "الكشاف" :
nindex.php?page=treesubj&link=28883_32274لها عدة أسماء : براءة ، والتوبة ، والمقشقشة ، والمبعثرة ، والمشردة ، والمخزية ، والفاضحة ، والمثيرة ، والحافرة ، والمنكلة ، والمدمدمة ، وسورة العذاب ، قال : لأن فيها التوبة على المؤمنين ، وهي تقشقش من النفاق أي تبرئ منه ، وتبعثر عن أسرار المنافقين ، وتبحث عنها ، وتثيرها ، وتحفر عنها ، وتفضحهم ، وتنكل بهم ، وتشردهم وتخزيهم ، وتدمدم عليهم ، وعن
حذيفة : إنكم تسمونها سورة التوبة ، والله ما تركت أحدا إلا نالت منه ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في هذه السورة قال : إنها الفاضحة ما زالت تنزل فيهم وتنال منهم حتى خشينا أن لا تدع أحدا ، وسورة الأنفال نزلت في
بدر ، وسورة الحشر نزلت في
بني النضير .
فإن قيل :
nindex.php?page=treesubj&link=20762_28980ما السبب في إسقاط التسمية من أولها ؟
قلنا : ذكروا فيه وجوها :
الوجه الأول : روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012763قلت nindex.php?page=showalam&ids=7لعثمان بن عفان ، ما حملكم على أن عمدتم إلى سورة براءة وهي من المئين ، وإلى سورة الأنفال وهي من المثاني ، فقرنتم بينهما وما فصلتم ببسم الله الرحمن الرحيم ؟ فقال : كان النبي صلى الله عليه وسلم كلما نزلت عليه سورة يقول : " ضعوها في موضع كذا " وكانت براءة من آخر القرآن نزولا ، فتوفي صلى الله عليه وسلم ولم يبين موضعها ، وكانت قصتها شبيهة بقصتها فقرن بينهما ، قال القاضي : يبعد أن يقال : إنه عليه السلام لم يبين كون هذه السورة تالية لسورة الأنفال ؛ لأن
nindex.php?page=treesubj&link=28880القرآن مرتب من قبل الله تعالى ومن قبل رسوله على الوجه الذي نقل ، ولو جوزنا في بعض السور أن لا يكون ترتيبها من الله على سبيل الوحي ، لجوزنا مثله في سائر السور وفي آيات السورة الواحدة ، وتجويزه يطرف ما يقوله
الإمامية من تجويز الزيادة والنقصان في القرآن . وذلك يخرجه من كونه حجة ، بل الصحيح أنه عليه السلام أمر بوضع هذه السورة ، بعد سورة الأنفال وحيا ، وأنه عليه السلام حذف بسم الله الرحمن الرحيم من أول هذه السورة وحيا .
الوجه الثاني : في هذا الباب ما يروى عن
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب أنه قال : إنما توهموا ذلك ؛ لأن في الأنفال ذكر العهود ، وفي براءة نبذ العهود ، فوضعت إحداهما بجنب الأخرى ، والسؤال المذكور عائد ههنا ؛ لأن هذا الوجه إنما يتم إذا قلنا : إنهم إنما وضعوا هذه السورة بعد الأنفال من قبل أنفسهم لهذه العلة .
[ ص: 173 ] والوجه الثالث : أن الصحابة اختلفوا في أن سورة الأنفال وسورة التوبة سورة واحدة أم سورتان ؟ فقال بعضهم : هما سورة واحدة ؛ لأن كلتيهما نزلت في القتال ومجموعهما هذه السورة السابعة من الطوال وهي سبع ، وما بعدها المئون . وهذا قول ظاهر لأنهما معا مائتان وست آيات ، فهما بمنزلة سورة واحدة . ومنهم من قال : هما سورتان ، فلما ظهر الاختلاف بين الصحابة في هذا الباب تركوا بينهما فرجة تنبيها على قول من يقول هما سورتان ، وما كتبوا بسم الله الرحمن الرحيم بينهما تنبيها على قول من يقول هما سورة واحدة ، وعلى هذا القول لا يلزمنا تجويز مذهب
الإمامية ؛ وذلك لأنه لما وقع الاشتباه في هذا المعنى بين الصحابة لم يقطعوا بأحد القولين ، وعملوا عملا يدل على أن هذا الاشتباه كان حاصلا ، فلما لم يتسامحوا بهذا القدر من الشبهة دل على أنهم كانوا مشددين في ضبط القرآن عن التحريف والتغيير ، وذلك يبطل قول
الإمامية .
الوجه الرابع : في هذا الباب : أنه تعالى ختم سورة الأنفال بإيجاب أن
nindex.php?page=treesubj&link=28802يوالي المؤمنون بعضهم بعضا وأن يكونوا منقطعين عن الكفار بالكلية ، ثم إنه تعالى صرح بهذا المعنى في قوله :(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1براءة من الله ورسوله ) فلما كان هذا عين ذلك الكلام وتأكيدا له وتقريرا له ، لزم وقوع الفاصل بينهما ، فكان إيقاع الفصل بينهما تنبيها على كونهما سورتين متغايرتين ، وترك كتب بسم الله الرحمن الرحيم بينهما تنبيها على أن هذا المعنى هو عين ذلك المعنى .
الوجه الخامس : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : سألت
عليا رضي الله عنه : لم لم يكتب بسم الله الرحمن الرحيم بينهما ؟ قال : لأن بسم الله الرحمن الرحيم أمان ، وهذه السورة نزلت بالسيف ونبذ العهود وليس فيها أمان ، ويروى أن
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ذكر هذا المعنى ، وأكده بقوله تعالى :(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=94ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا ) [ النساء : 94] فقيل له : أليس أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل الحرب بسم الله الرحمن الرحيم ، فأجاب عنه : بأن ذلك ابتداء منه بدعوتهم إلى الله ، ولم ينبذ إليهم عهدهم ، ألا تراه قال في آخر الكتاب : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012764والسلام على من اتبع الهدى " وأما في هذه السورة فقد اشتملت على المقاتلة ونبذ العهود فظهر الفرق .
والوجه السادس : قال أصحابنا : لعل الله تعالى لما علم من بعض الناس أنهم يتنازعون في كون بسم الله الرحمن الرحيم من القرآن ، أمر بأن لا تكتب ههنا ، تنبيها على كونها آية من أول كل سورة ، وأنها لما لم تكن آية من هذه السورة ، لا جرم لم تكتب ، وذلك يدل على أنها لما كتبت في أول سائر السور وجب كونها آية من كل سورة .
[ ص: 172 ] nindex.php?page=treesubj&link=28889 ( سُورَةُ التَّوْبَةِ )
مَدَنِيَّةٌ ، إِلَّا الْآيَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ فَمَكِّيَّتَانِ
وَآيَاتُهَا "129" نَزَلَتْ بَعْدَ الْمَائِدَةِ
قَالَ صَاحِبُ "الْكَشَّافِ" :
nindex.php?page=treesubj&link=28883_32274لَهَا عِدَّةُ أَسْمَاءٍ : بَرَاءَةُ ، وَالتَّوْبَةُ ، وَالْمُقَشْقِشَةُ ، وَالْمُبَعْثِرَةُ ، وَالْمُشَرِّدَةُ ، وَالْمُخْزِيَةُ ، وَالْفَاضِحَةُ ، وَالْمُثِيرَةُ ، وَالْحَافِرَةُ ، وَالْمُنَكِّلَةُ ، وَالْمُدَمْدِمَةُ ، وَسُورَةُ الْعَذَابِ ، قَالَ : لِأَنَّ فِيهَا التَّوْبَةَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ، وَهِيَ تُقَشْقِشُ مِنَ النِّفَاقِ أَيْ تُبَرِّئُ مِنْهُ ، وَتُبَعْثِرُ عَنْ أَسْرَارِ الْمُنَافِقِينَ ، وَتَبْحَثُ عَنْهَا ، وَتُثِيرُهَا ، وَتَحْفِرُ عَنْهَا ، وَتَفْضَحُهُمْ ، وَتُنَكِّلُ بِهِمْ ، وَتُشَرِّدُهُمْ وَتُخْزِيهِمْ ، وَتُدَمْدِمُ عَلَيْهِمْ ، وَعَنْ
حُذَيْفَةَ : إِنَّكُمْ تُسَمُّونَهَا سُورَةَ التَّوْبَةِ ، وَاللَّهِ مَا تَرَكَتْ أَحَدًا إِلَّا نَالَتْ مِنْهُ ، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ السُّورَةِ قَالَ : إِنَّهَا الْفَاضِحَةُ مَا زَالَتْ تَنْزِلُ فِيهِمْ وَتَنَالُ مِنْهُمْ حَتَّى خَشِينَا أَنْ لَا تَدَعَ أَحَدًا ، وَسُورَةُ الْأَنْفَالِ نَزَلَتْ فِي
بَدْرٍ ، وَسُورَةُ الْحَشْرِ نَزَلَتْ فِي
بَنِي النَّضِيرِ .
فَإِنْ قِيلَ :
nindex.php?page=treesubj&link=20762_28980مَا السَّبَبُ فِي إِسْقَاطِ التَّسْمِيَةِ مِنْ أَوَّلِهَا ؟
قُلْنَا : ذَكَرُوا فِيهِ وُجُوهًا :
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ : رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012763قُلْتُ nindex.php?page=showalam&ids=7لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، مَا حَمَلَكُمْ عَلَى أَنْ عَمَدْتُمْ إِلَى سُورَةِ بَرَاءَةَ وَهِيَ مِنَ الْمِئِينَ ، وَإِلَى سُورَةِ الْأَنْفَالِ وَهِيَ مِنَ الْمَثَانِي ، فَقَرَنْتُمْ بَيْنَهُمَا وَمَا فَصَلْتُمْ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ؟ فَقَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّمَا نَزَلَتْ عَلَيْهِ سُورَةٌ يَقُولُ : " ضَعُوهَا فِي مَوْضِعِ كَذَا " وَكَانَتْ بَرَاءَةُ مِنْ آخِرِ الْقُرْآنِ نُزُولًا ، فَتُوُفِّيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَوْضِعَهَا ، وَكَانَتْ قِصَّتُهَا شَبِيهَةً بِقِصَّتِهَا فَقُرِنَ بَيْنَهُمَا ، قَالَ الْقَاضِي : يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ : إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يُبَيِّنْ كَوْنَ هَذِهِ السُّورَةِ تَالِيَةً لِسُورَةِ الْأَنْفَالِ ؛ لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28880الْقُرْآنَ مُرَتَّبٌ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى وَمِنْ قِبَلِ رَسُولِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي نُقِلَ ، وَلَوْ جَوَّزْنَا فِي بَعْضِ السُّوَرِ أَنْ لَا يَكُونَ تَرْتِيبُهَا مِنَ اللَّهِ عَلَى سَبِيلِ الْوَحْيِ ، لَجَوَّزْنَا مِثْلَهُ فِي سَائِرِ السُّوَرِ وَفِي آيَاتِ السُّورَةِ الْوَاحِدَةِ ، وَتَجْوِيزُهُ يُطَرِّفُ مَا يَقُولُهُ
الْإِمَامِيَّةُ مِنْ تَجْوِيزِ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ فِي الْقُرْآنِ . وَذَلِكَ يُخْرِجُهُ مِنْ كَوْنِهِ حُجَّةً ، بَلِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَ بِوَضْعِ هَذِهِ السُّورَةِ ، بَعْدَ سُورَةِ الْأَنْفَالِ وَحْيًا ، وَأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَذَفَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ وَحْيًا .
الْوَجْهُ الثَّانِي : فِي هَذَا الْبَابِ مَا يُرْوَى عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّمَا تَوَهَّمُوا ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ فِي الْأَنْفَالِ ذِكْرَ الْعُهُودِ ، وَفِي بَرَاءَةَ نَبْذَ الْعُهُودِ ، فَوُضِعَتْ إِحْدَاهُمَا بِجَنْبِ الْأُخْرَى ، وَالسُّؤَالُ الْمَذْكُورُ عَائِدٌ هَهُنَا ؛ لِأَنَّ هَذَا الْوَجْهَ إِنَّمَا يَتِمُّ إِذَا قُلْنَا : إِنَّهُمْ إِنَّمَا وَضَعُوا هَذِهِ السُّورَةَ بَعْدَ الْأَنْفَالِ مِنْ قِبَلِ أَنْفُسِهِمْ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ .
[ ص: 173 ] وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ : أَنَّ الصَّحَابَةَ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ سُورَةَ الْأَنْفَالِ وَسُورَةَ التَّوْبَةِ سُورَةٌ وَاحِدَةٌ أَمْ سُورَتَانِ ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : هُمَا سُورَةٌ وَاحِدَةٌ ؛ لِأَنَّ كِلْتَيْهِمَا نَزَلَتْ فِي الْقِتَالِ وَمَجْمُوعُهُمَا هَذِهِ السُّورَةُ السَّابِعَةُ مِنَ الطِّوَالِ وَهِيَ سَبْعٌ ، وَمَا بَعْدَهَا الْمِئُونَ . وَهَذَا قَوْلٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُمَا مَعًا مِائَتَانِ وَسِتُّ آيَاتٍ ، فَهُمَا بِمَنْزِلَةِ سُورَةٍ وَاحِدَةٍ . وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : هُمَا سُورَتَانِ ، فَلَمَّا ظَهَرَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ فِي هَذَا الْبَابِ تَرَكُوا بَيْنَهُمَا فُرْجَةً تَنْبِيهًا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ هُمَا سُورَتَانِ ، وَمَا كَتَبُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بَيْنَهُمَا تَنْبِيهًا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ هُمَا سُورَةٌ وَاحِدَةٌ ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا يَلْزَمُنَا تَجْوِيزُ مَذْهَبِ
الْإِمَامِيَّةِ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ الِاشْتِبَاهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى بَيْنَ الصَّحَابَةِ لَمْ يَقْطَعُوا بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ ، وَعَمِلُوا عَمَلًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الِاشْتِبَاهَ كَانَ حَاصِلًا ، فَلَمَّا لَمْ يَتَسَامَحُوا بِهَذَا الْقَدْرِ مِنَ الشُّبْهَةِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا مُشَدِّدِينَ فِي ضَبْطِ الْقُرْآنِ عَنِ التَّحْرِيفِ وَالتَّغْيِيرِ ، وَذَلِكَ يُبْطِلُ قَوْلَ
الْإِمَامِيَّةِ .
الْوَجْهُ الرَّابِعُ : فِي هَذَا الْبَابِ : أَنَّهُ تَعَالَى خَتَمَ سُورَةَ الْأَنْفَالِ بِإِيجَابِ أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28802يُوَالِيَ الْمُؤْمِنُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَأَنْ يَكُونُوا مُنْقَطِعِينَ عَنِ الْكُفَّارِ بِالْكُلِّيَّةِ ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى صَرَّحَ بِهَذَا الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ :(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ) فَلَمَّا كَانَ هَذَا عَيْنَ ذَلِكَ الْكَلَامِ وَتَأْكِيدًا لَهُ وَتَقْرِيرًا لَهُ ، لَزِمَ وُقُوعُ الْفَاصِلِ بَيْنَهُمَا ، فَكَانَ إِيقَاعُ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا تَنْبِيهًا عَلَى كَوْنِهِمَا سُورَتَيْنِ مُتَغَايِرَتَيْنِ ، وَتُرِكَ كَتْبُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بَيْنَهُمَا تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى هُوَ عَيْنُ ذَلِكَ الْمَعْنَى .
الْوَجْهُ الْخَامِسُ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : سَأَلْتُ
عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : لِمَ لَمْ يُكْتَبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بَيْنَهُمَا ؟ قَالَ : لِأَنَّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَمَانٌ ، وَهَذِهِ السُّورَةُ نَزَلَتْ بِالسَّيْفِ وَنَبْذِ الْعُهُودِ وَلَيْسَ فِيهَا أَمَانٌ ، وَيُرْوَى أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16008سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ ذَكَرَ هَذَا الْمَعْنَى ، وَأَكَّدَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=94وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا ) [ النِّسَاءِ : 94] فَقِيلَ لَهُ : أَلَيْسَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْحَرْبِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، فَأَجَابَ عَنْهُ : بِأَنَّ ذَلِكَ ابْتِدَاءٌ مِنْهُ بِدَعْوَتِهِمْ إِلَى اللَّهِ ، وَلَمْ يَنْبِذْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ ، أَلَا تَرَاهُ قَالَ فِي آخِرِ الْكِتَابِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012764وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى " وَأَمَّا فِي هَذِهِ السُّورَةِ فَقَدِ اشْتَمَلَتْ عَلَى الْمُقَاتَلَةِ وَنَبْذِ الْعُهُودِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ .
وَالْوَجْهُ السَّادِسُ : قَالَ أَصْحَابُنَا : لَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا عَلِمَ مِنْ بَعْضِ النَّاسِ أَنَّهُمْ يَتَنَازَعُونَ فِي كَوْنِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنَ الْقُرْآنِ ، أَمَرَ بِأَنْ لَا تُكْتَبَ هَهُنَا ، تَنْبِيهًا عَلَى كَوْنِهَا آيَةً مِنْ أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ ، وَأَنَّهَا لَمَّا لَمْ تَكُنْ آيَةً مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ ، لَا جَرَمَ لَمْ تُكْتَبْ ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَمَّا كُتِبَتْ فِي أَوَّلِ سَائِرِ السُّوَرِ وَجَبَ كَوْنُهَا آيَةً مِنْ كُلِّ سُورَةٍ .