حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا أحمد بن الحسين بن نصر ، ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي ، ثنا ، ثنا زكريا بن عدي ابن المبارك ، عن مسلمة بن أبي بكر ، [ ص: 303 ] عن رجل من قريش ، أن عهد إلى بعض عماله : عليك بتقوى الله في كل حال ينزل بك ، فإن عمر بن عبد العزيز ، وأبلغ المكيدة ، وأقوى القوة ، ولا تكن في شيء من عداوة عدوك أشد احتراسا لنفسك ومن معك من معاصي الله ، فإن الذنوب أخوف عندي على الناس من مكيدة عدوهم ، وإنما نعادي عدونا ونستنصر عليهم بمعصيتهم ، ولولا ذلك لم تكن لنا قوة بهم ؛ لأن عددنا ليس كعددهم ، ولا قوتنا كقوتهم ، فإن لا ننصر عليهم بمقتنا لا نغلبهم بقوتنا ، ولا تكونن لعداوة أحد من الناس أحذر منكم لذنوبكم ، ولا أشد تعاهدا منكم لذنوبكم ، واعلموا أن تقوى الله أفضل العدة ، فاستحيوا منهم ، وأحسنوا صحابتهم ، ولا تؤذوهم بمعاصي الله ، وأنتم زعمتم في سبيل الله ، ولا تقولوا إن عدونا شر منا ولن ينصروا علينا وإن أذنبنا ، فكم من قوم قد سلط - أو سخط - عليهم بأشر منهم لذنوبهم ، عليكم ملائكة الله حفظة عليكم ، يعلمون ما تفعلون في مسيركم ومنازلكم ، نسأل الله ذلك لنا ولكم ، وارفق بمن معك في مسيرهم ، فلا تجشمهم مسيرا يتعبهم ، ولا تقصر بهم عن منزل يرفق بهم ؛ حتى يلقوا عدوهم والسفر لم ينقص قوتهم ولا كراعهم ، فإنكم تسيرون إلى عدو مقيم ، جام الأنفس والكراع ، وإلا ترفقوا بأنفسكم وكراعكم في مسيركم يكن لعدوكم فضل في القوة عليكم في إقامتهم في جمام الأنفس والكراع ، والله المستعان . وسلوا الله العون على أنفسكم كما تسألونه العون على عدوكم
أقم بمن معك في كل جمعة يوما وليلة ؛ لتكون لهم راحة يجمعون بها أنفسهم وكراعهم ، ويرمون أسلحتهم وأمتعتهم ، ونح منزلك عن قرى الصلح ، ولا يدخلها أحد من أصحابك لسوقهم وحاجتهم ، إلا من تثق به وتأمنه على نفسه ودينه ، فلا يصيبوا فيها ظلما ، ولا يتزودوا منها إثما ، ولا يرزئون أحدا من أهلها شيئا إلا بحق ، فإن لهم حرمة وذمة ، ابتليتم بالوفاء بها ، كما ابتلوا بالصبر عليها ، فلا تستنصروا على أهل الحرب بظلم أهل الصلح ، ولتكن عيونك من العرب ممن تطمئن إلى نصحه من أهل الأرض ، فإن [ ص: 304 ] وإن صدق في بعضه ، وإن الغاش عين عليك وليس بعين لك . الكذوب لا ينفعك خبره