حدثنا أبي ، ومحمد بن أحمد ، قالا : ثنا أحمد بن محمد بن عمر ، ثنا عبد الله بن محمد بن عبيد ، حدثني أبو عبد الرحمن حاتم بن عبيد الله الأزدي ، عن الحسين بن محمد الخزاعي ، عن رجل من ولد عثمان ، أن قال في بعض خطبه : عمر بن عبد العزيز ، وكونوا كمن عاين ما أعد الله من ثوابه وعقابه ، ترغبوا وترهبوا ، ولا يطولن عليكم الأمد فتقسو قلوبكم ، وتنقادوا لعدوكم ، فإنه والله ما بسط أمل من لا يدري لعله لا يصبح بعد مسائه ، ولا يمسي بعد صباحه ، ولربما كانت بين ذلك خطفات المنايا . فكم رأيت ورأيتم من كان بالدنيا مغترا ، وإنما تقر عين من وثق بالنجاة من عذاب الله ، وإنما يفرح من أمن من أهوال يوم القيامة ، فأما من لا يداوي كلما إلا أصابه جرح في ناحية أخرى ، أعوذ بالله أن آمركم بما أنهى عنه نفسي فتخسر صفقتي ، وتظهر غيلتي ، وتبدو مسكنتي ، في يوم يبدو فيه الغنى والفقر ، والموازين منصوبة ، ولقد عنيتم [ ص: 292 ] بأمر لو عنيت به النجوم لانكدرت ، ولو عنيت به الجبال لذابت ، ولو عنيت به الأرض لتشققت ، أما تعلمون أنه ليس بين الجنة والنار منزلة ، وإنكم صائرون إلى إحداهما . إن لكل سفر زادا لا محالة ، فتزودوا لسفركم من الدنيا إلى الآخرة التقوى