الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
ثم شرع في بيان سننه فقال [ درس ] ( وسننه ) ثمان أولاها ( غسل يديه ) إلى كوعيه ( أولا ) أي قبل إدخالهما في الإناء كما هو المنصوص إن كان الماء غير جار وقدر آنية وضوء أو غسل وأمكن الإفراغ منه وإلا أدخلهما فيه إن كانتا نظيفتين أو متنجستين وكانا لا ينجسانه وإلا تحيل على غسلهما خارجه وإلا تركه وتيمم لأنه كعادم الماء ، وأما الماء الجاري مطلقا والكثير فلا تتوقف السنة على غسلهما خارجه ( ثلاثا ) من تمام السنة كما هو ظاهره كغيره ورجح وقيل تحصل السنة بالمرة الأولى وهو ظاهر قوله وشفع غسله وتثليثه ورجح أيضا ( تعبدا ) لا للنظافة [ ص: 97 ] ( بمطلق ونية ) كغيرها من أفعال الوضوء ( ولو ) كانتا ( نظيفتين أو ) ولو ( أحدث في أثنائه ) خلافا للمخالف في ذلك ( مفترقتين ) ندبا على الراجح وقيل هو من تمام السنة

التالي السابق


( قوله : أي قبل إدخالهما في الإناء كما هو المنصوص ) أي وليس المراد بقوله أولا قبل فعل شيء من أفعال الوضوء كالمضمضة والاستنشاق سواء توضأ من نهر أو حوض أو إناء كما قيل ; لأن هذا ترتيب سنن وهو مستحب كما في شب واعلم أن كون الغسل قبل إدخالهما في الإناء مما تتوقف عليه السنة قيل مطلقا أي سواء توضأ من نهر أو من حوض أو من إناء يمكن الإفراغ منه أم لا كان الماء الذي في الإناء قليلا أو كثيرا ، وقيل ليس مطلقا بل في بعض الحالات وذلك إذا كان الماء غير جار وقدر آنية الوضوء أو الغسل وأمكن الإفراغ منه ، فإن تخلف واحد من هذه الأمور الثلاثة فلا تتوقف السنة على كون الغسل خارج الماء وعلى هذا القول مشى الشارح وهو المعتمد ( قوله : وإلا أدخلهما فيه ) هذا راجع للأخير فقط أي وإلا يمكن الإفراغ منه أدخلهما فيه ولو رجع للثلاثة لم يحتج لقوله بعد .

وأما الماء الجاري . . . إلخ ( قوله : وإلا تحيل إلخ ) أي وإلا بأن كانا ينجسانه تحيل على غسلهما خارجه ولو بأخذ الماء بفيه أو ثوبه ولا يقال نقله الماء بفيه يضيفه ; لأنا نقول وإن أضافه لكنه ينفعه في إزالة عين النجاسة به أولا من بدنه ( قوله : : وإلا تركه ) أي وإلا يمكن التحايل على غسلهما خارجه تركه وتيمم ( قوله : مطلقا ) أي سواء كان كثيرا أو قليلا ( قوله : والكثير ) أي غير الجاري وهو ما زاد على آنية الغسل ( قوله : فلا تتوقف السنة على غسلهما خارجه ) أي بل تحصل بغسلهما داخل الماء وخارجه ( قوله : ورجح أيضا ) قال شيخنا وهو أوجه من الأول ( قوله : تعبدا ) هذا مذهب ابن القاسم وقال أشهب إنه معقول المعنى واحتج بحديث { إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه ثلاثا قبل أن يدخلهما في إنائه ، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده } فتعليله بالشك دليل على أنه معقول واحتج ابن القاسم [ ص: 97 ] للتعبد بالتحديد بالثلاث إذ لا معنى له إلا ذلك وحمله أشهب على أنه للمبالغة في النظافة ذكره ابن فرحون فهما متفقان على التثليث خلافا للح تبعا للبساطي في أنه مبني على التعبد ولاتفاقهما على التثليث وعدم بنائه على الخلاف قدم المصنف ثلاثا على تعبدا وأخر عنه ما ينبني على الخلاف ا هـ بن ( قوله : بمطلق ونية ) أي بناء على أن غسلهما تعبد لا معلل بالنظافة إذ عليه تحصل السنة بغسلهما ولو بمضاف ولو بغير نية لعدم توقف النظافة على المطلق والنية ( قوله : ولو نظيفتين أو أحدث إلخ ) أي خلافا لأشهب القائل إذا كانتا نظيفتين أو أحدث في أثنائه ، فإنه لا يطالب بغسلهما بناء على أن الغسل معلل بالنظافة ( قوله : خلافا للمخالف في ذلك ) أي في جميع ما تقدم من قوله تعبدا إلى هنا وقد علمت أن المخالف في ذلك كله أشهب ( قوله : مفترقتين ) حال من يديه .

وأما ثلاثا فهو حال من الغسل وقوله : تعبدا مفعول لأجله واعلم أن طلب تفريقهما في الغسل هو رواية أشهب عن مالك وقال ابن القاسم يغسلهما مجموعتين وظاهر تقديم تثليث اليمين على اليسار على القول الأول دون الثاني . هذا وقد صرح الأئمة بأن غسلهما مفترقتين مبني على قول ابن القاسم بالتعبد كما هو ظاهر المصنف فيكون ابن القاسم خالف أصله ; لأن أصله أن الغسل تعبد والمناسب له التفريق في الغسل مع أنه يقول بغسلهما مجموعتين ، وجمعهما إنما يناسب النظافة وأجاب ابن مرزوق بأن غسلهما مجموعتين وإن كان مناسبا للنظافة لكنه لا ينافي التعبد وهو ظاهر وإن كان غسلهما مفترقتين هو المناسب له وليس افتراقهما قولا لأشهب حتى يكون مخالفا لأصله إنما هو رواية له عن مالك انظر بن .




الخدمات العلمية