الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
الفريضة الثالثة مسح جميع الرأس وإليها أشار بقوله ( ومسح ما على الجمجمة ) وهي عظم الرأس المشتمل على الدماغ من جلد أو شعر وهي من منابت شعر الرأس المعتاد إلى نقرة القفا ويدخل فيه البياض والذي فوق وتدي الأذنين والذي فوق الأذنين ( بعظم صدغيه ) أي مع عظمهما يعني ما ينبت فيه الشعر وهو ما فوق العظم الناتئ وأما العظم الناتئ فهو من الوجه فلو قال بشعر صدغيه كان أوضح ( مع ) مسح ( المسترخي ) من الشعر ولو طال جدا نظرا لأصله ( ولا ينقض ضفره ) أي مضفوره ( رجل أو امرأة ) أي لا يجب ولا يندب ولو اشتد بنفسه بخلاف الغسل وأما ما ضفر بخيوط كثيرة فيجب نقضه في وضوء وغسل وأما بالخيطين فلا يجب نقضه فيهما إلا أن يشتد ( ويدخلان ) وجوبا ( يديهما تحته ) أي تحت الشعر ( في رد المسح ) حيث طال الشعر إذ لا يحصل التعميم إلا بهذا الرد ويطالب بالسنة بعد ذلك ، وأما القصير فيحصل التعميم من غير رد فالرد سنة وليس كلامنا فيه [ ص: 89 ] ( وغسله ) أي ما على الجمجمة بدل مسحه ( مجز ) عن مسحه لأنه مسح وزيادة وإن كان لا يجوز ابتداء أي يكره على الأظهر

التالي السابق


( قوله : ومسح ما على الجمجمة ) أي مسح ما استقر عليها بتمامها فلا يكفي مسح البعض على المشهور من المذهب سواء كان قليلا أو كثيرا وقال أشهب يكفي مسح النصف ويندب تجديد الماء لمسح الرأس ويكره بغيره كبلل لحيته إن وجد غيره وإلا فلا ( قوله : وهي ) أي الجمجمة عظم الرأس وقوله من جلد أو شعر بيان لما استقر على الجمجمة وقوله وهي من منابت إلخ أي والجمجمة حدها من منابت . إلخ .

( قوله : وأما العظم الناتئ ) أي المرتفع على العارضين ( قوله : كان أوضح ) أي لأن ظاهر المصنف أنه يمسح الصدغ كله وليس كذلك ( قوله : بل ولا يندب ) أي لأن المسح مبني على التخفيف وفي نقض الشعر المضفور عند كل وضوء مشقة ( قوله : بنفسه ) أي إذا كان الضفر بنفس الشعر ( قوله : بخلاف الغسل ) أي ، فإنه يجب فيه نقض ما ضفر بنفسه إذا اشتد الضفر .

( قوله : وأما ما ضفر بخيوط كثيرة ) أي ثلاثة فأكثر في كل ضفيرة ( قوله : فيجب نقضه في وضوء وغسل ) أي سواء اشتد الضفر أم لا .

والحاصل أن ما ضفر بخيوط ثلاثة يجب نقضه مطلقا اشتد أم لا في وضوء أو غسل وما ضفر بأقل منها يجب نقضه إن اشتد في الوضوء والغسل وإن لم يشتد فلا يجب نقضه لا في الوضوء ولا في الغسل وما ضفر بنفسه لا ينقض في الوضوء مطلقا اشتد أم لا وينقض في الغسل إن اشتد وإلا فلا ( قوله : ويدخلان وجوبا ) مع قوله ويطالب بالسنة بعد ذلك أي بعد التعميم الحاصل برد المسح هذا يقتضي أنه لا بد لصاحب [ ص: 89 ] المسترخي من مسح رأسه ثلاث مرات مرة لظاهره ومرة لباطنه وهما واجبان يحصل بهما التعميم الواجب لظاهر الشعر وباطنه الواجب والثالثة لتحصيل السنة وبهذا قال عج ومن تبعه وهو غير صحيح بل الحق ما قاله الشيخ عبد الرحمن الأجهوري : إن الشعر إنما يمسح مرتين فقط مرة للفرض ومرة أخرى للسنة ، وأن الإدخال من تتمة الرد الذي هو سنة وشرط فيه ولذا قال المؤلف في رد المسح : ولما كان كلامه هنا لا يدل على حكم الرد في نفسه نبه عليه بعد بقوله ورد مسح رأسه إلخ ونصوص الأئمة كالمدونة والرسالة وعبد الوهاب وابن يونس واللخمي وعياض وابن شاس وابن الحاجب وابن عرفة كلها ظاهرة فيما ذكرناه وليس في كلام واحد منهم إشعار بما قاله عج أصلا ، وقد قالوا : إن الظواهر إذا كثرت بمنزلة النص ويدل على ذلك أيضا قول الفاكهاني إنما كان الرد سنة والثانية والثالثة في المغسول مستحبتين ; لأن الذي يمسحه في الرد غير الذي يمسحه أولا في حق ذي الشعر وألحق غيره به بخلاف الذي غسل ثانيا وثالثا ، فإنه عين الأول ا هـ فهذا يدل على بطلان ما ادعاه عج ; لأن صاحب المسترخي لو كان يمسح في الأولى ظاهر الشعر وباطنه كما زعمه عج لكان الممسوح أولا هو الممسوح ثانيا وذلك خلاف ما قاله الفاكهاني وابن بشير وأيضا يلزمه على ما ذكره أن يمسح أربع مرات لأجل تحصيل التعميم في السنة أيضا ولا قائل به ا هـ بن ( قوله : وغسله مجز ) هذا هو المشهور خلافا لمن قال بعدم إجزائه ( قوله : لأنه مسح ) أي لأن الغسل مسح وزيادة ( قوله : وإن كان لا يجوز ) أي أن غسله مجز عن مسحه وإن كان الغسل لا يجوز ابتداء أي لا يجوز القدوم عليه بمعنى أنه يكره .




الخدمات العلمية