( فصل ) :
وأما فيتضمن بيان بيان من تجب عليه وإنها أنواع : منها الإسلام فلا تجب على الكافر ; لأنه لا سبيل إلى الإيجاب في حالة الكفر ; لأن فيها معنى العبادة حتى لا تتأدى بدون النية ، والكافر ليس من أهل العبادة ولا تجب بدون الإسلام بالإجماع ، وإيجاب فعل لا يقدر المكلف على أدائه في الحال ، وفي الثاني تكليف ما ليس في الوسع لهذا قلنا : إن الكفار ليسوا مخاطبين بشرائع هي عبادات . شرائط الوجوب
ومنها الحرية عندنا فلا تجب على العبد وقال الحرية ليست من شرائط الوجوب وتجب الشافعي ويتحملها المولى عنه واحتج بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { الفطرة على العبد } ، والأداء عنه ينبئ عن التحمل عنه وأنه يقتضي الوجوب عليه . : أدوا عن كل حر وعبد
ولنا أن الوجوب هو وجوب الأداء ولا سبيل إلى إيجاب الأداء على العبد ; لأن العبد لا يكلف بأدائها في الحال ولا بعد العتق ، وإيجاب فعل لا سبيل إلى أدائه رأسا ممتنع بخلاف الصبي الغني إذا لم يخرج وليه على أصل أبي حنيفة أنه يلزمه الأداء ; لأنه يقدر على أدائه بعد البلوغ . وأبي يوسف
وأما الحديث فلم قلتم إن الأداء عنه يقتضي الوجوب عليه ؟ وسنذكر معناه .
ومنها الغنى فلا يجب الأداء إلا على الغني وهذا عندنا ، وقال : لا يشترط لوجوبها الغنى وتجب على الفقير الذي له زيادة على قوت يومه وقوت عياله . الشافعي
وجه قوله أن وجوبها ثبت مطهرة للصائم ومعنى المطهرة لا يختلف بالغنى ، والفقر ، ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم { } . لا صدقة إلا عن ظهر غنى
وقد بينا حد الغنى الذي يجب به صدقة الفطر في زكاة المال ، ثم الغنى شرط الوجوب لا شرط بقاء الواجب حتى لو افتقر بعد يوم الفطر لا يسقط الواجب ; لأن هذا الحق يجب في الذمة لا في المال فلا يشترط لبقائه بقاء المال بخلاف الزكاة وأما العقل ، والبلوغ فليسا من شرائط الوجوب في قول أبي حنيفة حتى تجب صدقة الفطر على الصبي ، والمجنون إذا كان [ ص: 70 ] لهما مال ويخرجها الولي من مالهما وقال وأبي يوسف محمد : لا فطرة عليهما حتى لو أدى الأب أو الوصي من مالهما لا يضمنان عند وزفر أبي حنيفة ، وعند وأبي يوسف محمد يضمنان . وزفر
وجه قولهما إنها عبادة ، والعبادات لا تجب على الصبيان ، والمجانين كالصوم ، والصلاة ، والزكاة ولأبي حنيفة أنها ليست بعبادة محضة بل فيها معنى المؤنة فأشبهت العشر ، وكذلك وأبي يوسف حتى أن من أفطر لكبر ، أو مرض ، أو سفر يلزمه صدقة الفطر ; لأن الأمر بأدائها مطلق عن هذا الشرط ولأنها تجب على من لا يوجد منه الصوم وهو الصغير . وجود الصوم في شهر رمضان ليس بشرط لوجوب الفطرة