( فصل ) :
وأما زكاة الزروع والثمار وهو العشر فالكلام في هذا النوع أيضا يقع في مواضع في .
وفي بيان فرضيته ، وفي بيان كيفية الفرضية ، وفي بيان سبب الفرضية ، وفي بيان شرائط الفرضية ، وفي بيان القدر المفروض ، وفي بيان صفته ، وفي بيان من له ولاية الأخذ ، وفي بيان ركنه ، وفي بيان وقت الفرض ، وفي بيان ما يسقطه ، وفي بيان شرائط الركن ، وفي بيان ما يوضع في بيت المال من الأموال أما الأول فالدليل على فرضيته الكتاب والسنة والإجماع والمعقول أما الكتاب فقوله تعالى { بيان مصارفها وآتوا حقه يوم حصاده } قال عامة أهل التأويل : إن الحق المذكور هو العشر ، أو نصف العشر فإن قيل : إن الله تعالى أمر بإيتاء الحق يوم الحصاد ومعلوم أن زكاة الحبوب لا تخرج يوم الحصاد بل بعد التنقية والكيل ليظهر مقدارها فيخرج عشرها فدل أن المراد به غير العشر فالجواب أن المراد منه والله أعلم وآتوا حقه الذي وجب فيه يوم حصاده بعد التنقية فكان اليوم ظرفا للحق لا للإيتاء .
على أن عند يجب العشر في الخضراوات وإنما يخرج الحق منها يوم الحصاد وهو القطع ولا ينتظر شيء آخر فثبت أن الآية في العشر إلا أن مقدار [ ص: 54 ] هذا الحق غير مبين في الآية فكانت الآية مجملة في حق المقدار ثم صارت مفسرة ببيان النبي صلى الله عليه وسلم بقوله { أبي حنيفة } كقوله تعالى { ما سقته السماء ففيه العشر وما سقي بغرب ، أو دالية ففيه نصف العشر وآتوا الزكاة } أنها مجملة في حق المقدار فبينه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله { في مائتي درهم خمسة دراهم } فصار مفسرا كذا هذا .
وقوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض } وفي الآية دلالة على أن للفقراء حقا في المخرج من الأرض حيث أضاف المخرج إلى الكل فدل على أن للفقراء في ذلك حقا كما أن للأغنياء فيدل على كون العشر حق الفقراء ثم عرف مقدار الحق بالسنة .
وأما السنة فما روينا وهو قوله صلى الله عليه وسلم { } . ما سقته السماء ففيه العشر وما سقي بغرب ، أو دالية ففيه نصف العشر
وأما الإجماع فلأن الأمة أجمعت على فرضية العشر .
وأما المعقول فعلى نحو ما ذكرنا في النوع الأول ; لأن إخراج العشر إلى الفقير من باب شكر النعمة وإقدار العاجز وتقويته على القيام بالفرائض ومن باب تطهير النفس عن الذنوب وتزكيتها ، وكل ذلك لازم عقلا وشرعا والله أعلم .