( وأما ) فهي التعاطي ويسمى هذا البيع المبادلة بالفعل وهذا عندنا وقال بيع المراوضة رحمه الله لا يجوز البيع بالتعاطي ; لأن البيع في عرف الشرع كلام إيجاب وقبول ، فأما التعاطي فلم يعرف في عرف الشرع بيعا ، وذكر الشافعي أن التعاطي يجوز في الأشياء الخسيسة ، ولا يجوز في الأشياء النفيسة ، ورواية الجواز في الأصل مطلق عن هذا التفصيل وهي الصحيحة ; لأن البيع في اللغة والشرع اسم للمبادلة ، وهي مبادلة شيء مرغوب بشيء مرغوب ، وحقيقة المبادلة بالتعاطي وهو الأخذ والإعطاء ، وإنما قول البيع والشراء دليل عليهما ، والدليل عليه قوله - عز وجل - { القدوري إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } ، والتجارة عبارة عن جعل الشيء للغير ببدل وهو تفسير التعاطي وقال - سبحانه وتعالى - { أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين } ، أطلق - سبحانه وتعالى - اسم التجارة على تبادل ليس فيه قول البيع وقال الله - عز وجل - إن الله { اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة } سمى - سبحانه وتعالى - مبادلة الجنة بالقتال في سبيل الله - تعالى - اشتراء وبيعا لقوله تعالى في آخر الآية { فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به } ، وإن لم يوجد لفظ البيع ، وإذا ثبت أن حقيقة المبادلة بالتعاطي وهو الأخذ والإعطاء ، فهذا يوجد في الأشياء الخسيسة والنفيسة جميعا ، فكان التعاطي في كل ذلك بيعا ، فكان جائزا .