الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( وأما ) شرائط الركن فما ذكرنا في الحج إلا الوقت ، فإن السنة كلها وقت العمرة ، وتجوز في غير أشهر الحج وفي أشهر الحج لكنه يكره فعلها في يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق .

                                                                                                                                أما الجواز في الأوقات كلها فلقوله تعالى { وأتموا الحج والعمرة لله } مطلقا عن الوقت وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت { ما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرة إلا شهدتها وما اعتمر إلا في ذي القعدة } وعن عمران بن حصين رضي الله عنه { أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر مع طائفة من أهله في عشر ذي الحجة } فدل الحديثان على أن جوازها في أشهر الحج وما روي عن عمر رضي الله عنه أنه كان ينهى عنها في أشهر الحج فهو محمول على نهي الشفقة على أهل الحرم لئلا يكون الموسم في وقت واحد من السنة بل في وقتين لتوسع المعيشة على أهل الحرم إلا أنه يكره في الأيام الخمسة عندنا في ظاهر الرواية ، وروي عن أبي يوسف أنه لا يكره يوم عرفة قبل الزوال .

                                                                                                                                وقال الشافعي : لا يكره في هذه الأيام أيضا ، واحتج بما تلونا من هذه الآية وبما روينا من الحديثين ; لأنه دخل يوم عرفة ويوم النحر فيها ( وجه ) رواية أبي يوسف ، أن ما قبل الزوال من يوم عرفة ليس وقت الوقوف ، فلا يشغله عن الوقوف في وقته ، ولنا ما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ( وقت العمرة السنة كلها إلا يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق ) والظاهر أنها قالت سماعا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ; لأنه باب لا يدرك بالاجتهاد ، ولأن هذه الأيام أيام شغل الحاج بأداء الحج ، والعمرة فيها تشغلهم عن ذلك وربما يقع الخلل فيه فيكره ، ولا حجة له فيما ذكر ; لأن ذلك يدل على الجواز وبه نقول ، وإنما الكلام في الكراهة والجواز لا ينفيها ، وقد قام دليل الكراهة وهو ما ذكرنا .

                                                                                                                                وكذا يختلفان في الميقات في حق أهل مكة فميقاتهم للحج من دويرة أهلهم ، وللعمرة من الحل التنعيم أو غيره ، ومحظورات العمرة ما هو محظورات الحج ، وحكم ارتكابها في العمرة ما هو الحكم في الحج ، وقد مضى بيان ذلك كله في الحج .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية