وإن يحج عنه من ثلث ماله من ذلك الموضع الذي بين قرب من أوصى أن يحج عنه من موضع كذا من غير بلده مكة أو بعد عنها ; لأن الإحجاج لا يجوز إلا بأمره فيتقدر بقدر أمره .
فإنه يرده على الورثة لا يسعه أن يأخذ شيئا مما فضل ; لأن النفقة لا تصير ملكا للحاج بالإحجاج ، وإنما ينفق قدر ما يحتاج إليه في ذهابه وإيابه على حكم ملك الميت ; لأنه لو ملك إنما يملك ، بالاستئجار والاستئجار على الطاعات لا يجوز عندنا فكان الفاضل ملك الورثة فيجب عليه رده إليهم . وما فضل في يد الحاج عن الميت بعد النفقة في ذهابه ورجوعه
ولو قاسم الورثة وعزل قدر نفقة الحج ودفع بقية التركة إلى الورثة فهلك المعزول في يد الوصي أو في يد الحاج قبل الحج بطلت القسمة في قول ، وهلك ذلك القدر من الجملة ولا تبطل الوصية ويحج له من ثلث المال الباقي حتى يحصل الحج أو ينوي المال في قول أبي حنيفة ، وجعل أبي حنيفة الحج بمنزلة الموصى له الغائب ، وقسمة الوصي مع الورثة على الموصى له الغائب لا يجوز حتى لو قاسم مع الورثة وعزل نصيب الموصى له ثم هلك في يده قبل أن يصل إلى الموصى له الغائب يهلك من الجملة ويأخذ الموصى له ثلث الباقي كذلك الحج . أبو حنيفة
وعند إن بقي من ثلث ماله شيء يحج عنه مما بقي من ثلثه من حيث يبلغ وأنه لم يبق من ثلثه شيء بطلت الوصية وقال أبي يوسف : قسمة الوصية جائزة وتبطل الوصية بهلاك المعزول سواء بقي من المعزول شيء أو لم يبق شيء فإن لم يهلك ذلك المال ، ولكن مات المجهز في بعض طريق محمد مكة فما أنفق المجهز إلى وقت الموت نفقة مثله فلا ضمان عليه ; لأنه لم ينفق على الخلاف بل على الوفاق ، وما بقي في يد المجهز القياس أن يضم إلى مال الموصي ، فيعزل ثلث ماله ويحج عنه من وطنه - وهو قول - وفي الاستحسان يحج بالباقي من حيث تبلغ وهو قولهما . أبي حنيفة