ومنها ; لقول الصحابة رضي الله عنهم يقضيانه من قابل ; ولأنه لم يأت بالمأمور به على الوجه الذي أمر به ; لأنه أمر بحج خال عن الجماع ، ولم يأت به فبقي الواجب في ذمته فيلزمه تفريغ ذمته عنه ، ولا يجب عليه العمرة ; لأنه ليس بفائت الحج ألا ترى أنه لم تسقط عنه أفعال الحج بخلاف المحصر إذا حل من إحرامه بذبح الهدي أنه يجب عليه قضاء الحجة والعمرة أما قضاء الحجة فظاهر ، وأما قضاء العمرة فلفوات الحج في ذلك العام . وجوب القضاء
؟ قال أصحابنا الثلاثة : لا يلزمهما ذلك لكنهما إن خافا المعاودة يستحب لهما أن يفترقا . وهل يلزمهما الافتراق في القضاء
وقال زفر ومالك : يفترقان واحتجوا بما روينا من قول جماعة من الصحابة رضي الله عنهم يفترقان ; ولأن الاجتماع فيه خوف الوقوع في الجماع ثانيا فيجب التحرز عنه بالافتراق ثم اختلفوا في مكان الافتراق قال والشافعي : إذا خرجا من بلدهما يفترقان حسما للمادة . مالك
وقال : إذا بلغا الموضع الذي جامعها فيه ; لأنهما يتذكران ذلك فربما يقعان فيه وقال الشافعي : يفترقان عند الإحرام لأن الإحرام ; هو الذي حظر عليه الجماع . زفر
فأما قبل ذلك فقد كان مباحا ، ولنا أنهما زوجان ، والزوجية علة الاجتماع لا الافتراق .
وأما ما ذكروا من خوف الوقوع ، يبطل بالابتداء فإنه لم يجب الافتراق في الابتداء مع خوف الوقوع ، وقول : ( يتذكران ما فعلا فيه ) فاسد ; لأنهما قد يتذكران ، وقد لا يتذكران إذ ليس كل من يفعل فعلا في مكان يتذكر ذلك الفعل إذا وصل إليه ، ثم إن كانا يتذكران ما فعلا فيه يتذكران ما لزمهما من وبال فعلهما فيه أيضا فيمنعهما ذلك عن الفعل ، ثم يبطل هذا بلبس المخيط والتطيب فإنه الشافعي يباح له إمساك الثوب المخيط والتطيب ، وإن كان ذلك يذكره لبس المخيط والتطيب ، فدل أن الافتراق ليس بلازم لكنه [ ص: 219 ] مندوب إليه ومستحب عند خوف الوقوع فيما وقعا فيه ، وعلى هذا يحمل قول الصحابة رضي الله عنهم يفترقان ، والله الموفق هذا إذا كان مفردا بالحج . إذا لبس المخيط أو تطيب حتى لزمه الدم