ولو فما دام في شك من زوال الضرورة لا يجب عليه إلا كفارة واحدة : كفارة الضرورة . لبس ثوبا للضرورة ثم زالت الضرورة ، فدام على ذلك يوما أو يومين
وإن تيقن بأن الضرورة قد زالت ، فعليه كفارتان : كفارة ضرورة ، وكفارة اختيار ; لأن الضرورة كانت ثابتة بيقين ، فلا يحكم بزوالها بالشك على الأصل المعهود إن الثابت يقينا لا يزال بالشك وإذا كان كذلك فاللبس الثاني وقع على الوجه الذي وقع عليه الأول ، فكان لبسا واحدا فيوجب كفارة واحدة ، وإذا استيقن بزوال الضرورة ، فاللبس الثاني حصل على غير الوجه الذي حصل عليه الأول ، فيوجب عليه كفارة أخرى .
ونظير هذا ما إذا كان به قرح أو جرح ، اضطر إلى مداواته بالطيب أنه ما دام باقيا فعليه كفارة واحدة ، وإن كان تكرر عليه الدواء ; لأن الضرورة باقية فوقع الكل على وجه واحد .
ولو برأ ذلك القرح أو الجرح ، وحدث قرح آخر أو جراحة أخرى فداوها بالطيب يلزمه كفارة أخرى ; لأن الضرورة قد زالت فوقع الثاني على غير الوجه الأول ، وكذا المحرم إذا مرض أو أصابته الحمى ، وهو يحتاج إلى لبس الثوب في وقت ، ويستغني عنه في وقت الحمى ، فعليه كفارة واحدة ، ما لم تزل عنه تلك العلة لحصول اللبس على جهة واحدة .
ولو زالت عنه تلك [ ص: 189 ] الحمى وأصابته حمى أخرى عرف ذلك ، أو زال عنه ذلك المرض وجاءه مرض آخر فعليه كفارتان ، سواء كفر للأول أو لم يكفر في قول ، وأبي يوسف ، وعند أبي حنيفة عليه كفارة واحدة ما لم يكفر للأول ، فإن كفر للأول فعليه كفارة أخرى وسنذكر المسألة إن شاء الله في بيان المحظور الذي يفسد الحج وهو الجماع ، بأن جامع في مجلسين مختلفين ولو جرح له قرح ، أو أصابه جرح وهو يداويه بالطيب ، فخرجت قرحة أخرى ، أو أصابه جرح آخر ، والأول على حاله لم يبرأ فداوى الثاني فعليه كفارة واحدة ; لأن الأول لم يبرأ فالضرورة باقية ، فالمداواة الثانية حصلت على الجهة التي حصلت عليها الأولى ، فيكفيه كفارة واحدة . محمد