الفصل السادس : - مناجاته لربه - صلى الله عليه وسلم
وأما ما ورد في هذه القصة من مناجاته لله - تعالى - ، وكلامه معه بقوله : فأوحى إلى عبده ما أوحى [ النجم : 10 ] إلى ما تضمنته الأحاديث فأكثر المفسرين على أن الموحي هو الله عز وجل إلى جبريل ، وجبريل إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - إلا شذوذا منهم ، فذكر عن ، قال : أوحى إليه بلا واسطة ، ونحوه عن جعفر بن محمد الصادق الواسطي ، وإلى هذا ذهب بعض المتكلمين أن محمدا كلم ربه في الإسراء .
وحكي عن الأشعري ، وحكوه عن ، ابن مسعود ، وأنكره آخرون . وابن عباس
وذكر النقاش ، عن في قصة الإسراء ، عنه - صلى الله عليه وسلم - في قوله : ابن عباس دنا فتدلى قال : فارقني جبريل ، وانقطعت الأصوات عني ، فسمعت كلام ربي ، وهو : يقول ليهدأ روعك يا محمد ، ادن ، ادن .
وفي حديث أنس في الإسراء نحو منه . وقد احتجوا في هذا بقوله - تعالى - : [ ص: 242 ] وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء [ الشورى : 51 ] ، فقالوا : هي ثلاثة أقسام : من وراء حجاب كتكليم موسى ، وبإرسال الملائكة كحال جميع الأنبياء ، وأكثر أحوال نبينا - صلى الله عليه وسلم - . الثالث : قوله : وحيا ، ولم يبق من تقسيم الكلام إلا المشافهة مع المشاهدة .
وقد قيل : الوحي هنا : هو ما يلقيه في قلب النبي دون ، واسطة .
وقد ذكر ، عن أبو بكر البزار علي في حديث الإسراء ما هو أوضح في سماع النبي - صلى الله عليه وسلم - لكلام الله من الآية : فذكر فيه : فقال الملك : الله أكبر . الله أكبر فقيل لي من وراء الحجاب : صدق عبدي ، أنا أكبر ، أنا أكبر . وقال في سائر كلمات الأذان مثل ذلك .
ويجيء الكلام في مشكل هذين الحديثين في الفصل بعد هذا مع ما يشبهه . وفي أول فصل من الباب منه .
وكلام الله - تعالى - لمحمد - صلى الله عليه وسلم - ، ومن اختصه من أنبيائه ، جائز غير ممتنع عقلا ، ولا ورد في الشرع قاطع يمنعه ، فإن صح في ذلك خبر اعتمد عليه ، وكلامه - تعالى - لموسى كائن حق مقطوع به ، نص ذلك في الكتاب ، وأكده بالمصدر دلالة على الحقيقة ، ورفع مكانه على ما ورد في الحديث : في السماء السابعة بسبب كلامه . ورفع محمدا فوق هذا كله حتى بلغ مستوى وسمع صريف الأقلام ، فكيف يستحيل في حق هذا أو يبعد سماع الكلام ، فسبحان من خص من شاء بما شاء ، وجعل بعضهم فوق بعض درجات ! .