فصل : ثم كان لهم بعد هذا المجمع انسطاس الملك ، وذلك أن مجمع سابع في أيام سورس القسطنطيني كان على رأي أوطيسوس فجاء إلى الملك فقال : إن المجمع الخلقدوني الستمائة والثلاثين قد أخطئوا في لعن أوطيسوس وبترك الإسكندرية ، والدين الصحيح ما قالاه ، فلا يقبل دين من سواهما ، ولكن اكتب إلى جميع عمالك أن يلعنوا الستمائة والثلاثين ويأخذوا الناس بطبيعة واحدة ، ومشيئة واحدة ، وأقنوم واحد ، فأجابه الملك إلى ذلك ، فلما بلغ ذلك إيليا بترك بيت المقدس جمع الرهبان ولعنوا انسطاس الملك ، وسورس ومن يقول بقولهما ، فبلغ ذلك انسطاس فنفاه إلى أيلة ، وبعث يوحنا بتركا على بيت المقدس لأن يوحنا كان قد ضمن له أن يلعن المجمع الخلقدوني في الستمائة وثلاثين ، فلما قدم إلى بيت المقدس اجتمع الرهبان وقالوا : إياك أن تقبل من سورس ، ولكن قاتل عن المجمع الخلقدوني ونحن معك ، فضمن لهم ذلك وخالف أمر الملك ، فبلغ ذلك الملك ، فأرسل قائدا وأمره أن يأخذ يوحنا بطرح للجمع الخلقدوني ، فإن لم يفعل بنفيه عن الكرسي ، فقدم القائد وطرح يوحنا بالحبس فصار إليه الرهبان في الحبس ، وأشاروا عليه بأن يضمن للقائد أن يفعل [ ص: 569 ] ذلك ، فإذا حضر فليقر بلعنة من لعنه الرهبان ، ففعل ذلك ، واجتمع الرهبان وكانوا عشرة آلاف راهب ومنهم يدرس ، وسابا ورؤساء الديارات فلعنوا أوطيسوس ، وسورس ونسطورس ومن لا يقبل المجمع الخلقدوني .
وفزع رسول الملك من الرهبان ، وبلغ ذلك الملك ، فهم بنفي يوحنا ، فاجتمع الرهبان والأساقفة فكتبوا إلى انسطاس الملك أنهم لا يقبلون مقالة سورس ، ولا أحدا من المخالفين ولو أهريقت دماؤهم ، وسألوه أن يكف أذاه عنهم .
وكتب بترك رومية إلى الملك بقبح فعله وبلعنه ، فانفض هذا المجمع أيضا ، وقد تلاعن فيه هذه الجموع على ما وصفناه .