الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى

ابن القيم - أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية

صفحة جزء
فصل : ثم كان لهم بعد هذا المجمع مجمع سابع في أيام انسطاس الملك ، وذلك أن سورس القسطنطيني كان على رأي أوطيسوس فجاء إلى الملك فقال : إن المجمع الخلقدوني الستمائة والثلاثين قد أخطئوا في لعن أوطيسوس وبترك الإسكندرية ، والدين الصحيح ما قالاه ، فلا يقبل دين من سواهما ، ولكن اكتب إلى جميع عمالك أن يلعنوا الستمائة والثلاثين ويأخذوا الناس بطبيعة واحدة ، ومشيئة واحدة ، وأقنوم واحد ، فأجابه الملك إلى ذلك ، فلما بلغ ذلك إيليا بترك بيت المقدس جمع الرهبان ولعنوا انسطاس الملك ، وسورس ومن يقول بقولهما ، فبلغ ذلك انسطاس فنفاه إلى أيلة ، وبعث يوحنا بتركا على بيت المقدس لأن يوحنا كان قد ضمن له أن يلعن المجمع الخلقدوني في الستمائة وثلاثين ، فلما قدم إلى بيت المقدس اجتمع الرهبان وقالوا : إياك أن تقبل من سورس ، ولكن قاتل عن المجمع الخلقدوني ونحن معك ، فضمن لهم ذلك وخالف أمر الملك ، فبلغ ذلك الملك ، فأرسل قائدا وأمره أن يأخذ يوحنا بطرح للجمع الخلقدوني ، فإن لم يفعل بنفيه عن الكرسي ، فقدم القائد وطرح يوحنا بالحبس فصار إليه الرهبان في الحبس ، وأشاروا عليه بأن يضمن للقائد أن يفعل [ ص: 569 ] ذلك ، فإذا حضر فليقر بلعنة من لعنه الرهبان ، ففعل ذلك ، واجتمع الرهبان وكانوا عشرة آلاف راهب ومنهم يدرس ، وسابا ورؤساء الديارات فلعنوا أوطيسوس ، وسورس ونسطورس ومن لا يقبل المجمع الخلقدوني .

وفزع رسول الملك من الرهبان ، وبلغ ذلك الملك ، فهم بنفي يوحنا ، فاجتمع الرهبان والأساقفة فكتبوا إلى انسطاس الملك أنهم لا يقبلون مقالة سورس ، ولا أحدا من المخالفين ولو أهريقت دماؤهم ، وسألوه أن يكف أذاه عنهم .

وكتب بترك رومية إلى الملك بقبح فعله وبلعنه ، فانفض هذا المجمع أيضا ، وقد تلاعن فيه هذه الجموع على ما وصفناه .

التالي السابق


الخدمات العلمية