الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى

ابن القيم - أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية

صفحة جزء
فصل : ثم كان لهم بعد هذا مجمع سادس في مدينة خلقدون ، فإنه لما مات الملك ولي بعده مرقيون ، فاجتمع إليه الأساقفة من سائر البلاد ، فأعلموه ما كان من ظلم ذلك المجمع وقلة الإنصاف ، وأن مقالة أوطيسوس قد غلبت على الناس ، وأفسدت دين النصرانية ، فأمر الملك باستحضار سائر البتاركة والمطارنة والأساقفة إلى مدينة خلقدون ، اجتمع فيها ستمائة وثلاثون أسقفا ، فنظروا في مقالة أوطيسوس وبترك الإسكندرية [ ص: 567 ] الذي قطع جميع البتاركة ، فأفسد الجميع مقالتهما ولعنوهما ، وأثبتوا أن يسوع المسيح إله وإنسان ، وفي المكان مع الله باللاهوت ، وفي المكان معنا بالناسوت ، يعرف بطبيعتين ، تام باللاهوت وتام بالناسوت ، مسيح واحد ، وثبتوا قول الثلاثمائة وثمانية عشر أسقفا ، وقبلوا قولهم : بأن الابن مع الله في المكان نور من نور ، إله حق من إله حق ، معروف بالطبيعتين ، تام باللاهوت وتام بالناسوت ، ولعنوا آريوس ، وقالوا : إن روح القدس إله ، وإن الأب والابن وروح القدس واحد بطبيعة واحدة وأقانيم ثلاثة ، وثبتوا قول المجمع الثالث في مدينة أفسس أعني المائتي أسقف على نسطورس وقالوا : إن مريم العذراء ولدت إلها ، ربنا يسوع المسيح الذي هو مع الله بالطبيعة ومع الناسوت بالطبيعة .

وشهدوا أن للمسيح طبيعتين وأقنوما واحدا ، ولعنوا نسطورس وبترك الإسكندرية ، ولعنوا المجمع الثاني الذي كان أفسس ، ثم ثبتوا المجمع الثالث المائتي أسقف بمدينة أفسس أول مرة ، ولعنوا نسطورس ، وبين [ ص: 568 ] نسطورس إلى مجمع خلقدون إحدى وعشرون سنة فانفض هذا المجمع ، وقد لعنوا من مقدمتهم وأساقفتهم من ذكرنا وكفروهم وتبرءوا منهم ومن مقالاتهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية