الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى

ابن القيم - أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية

صفحة جزء
ثم كان لهم بعد هذا مجمع خامس ، وذلك أنه كان بالقسطنطينية طبيب راهب يقال له : أوطيسوس يقول : إن جسد المسيح ليس هو من أجسادنا بالطبيعة ، فإن المسيح قبل التجسد من طبيعتين ، وبعد التجسد طبيعة واحدة ، وهو أول من أحدث هذه المقالة وهي مقالة اليعقوبية ، فرحل إليه بعض الأساقفة ، فناظره وقطعه ودحض حجته .

ثم صار إلى قسطنطينية فأخبر بتركها بالمناظرة وبانقطاعه ، فأرسل بترك قسطنطينية إليه فاستحضره ، وجمع جمعا عظيما وناظره ، فقال أوطيسوس : إن قلنا إن للمسيح طبيعتين فقد قلنا بقول نسطورس ، ولكنا نقول : إن المسيح طبيعة واحدة وأقنوم واحد ، لأنه [ ص: 566 ] من طبيعتين كانتا قبل التجسد زالت عنه وصار من طبيعة واحدة وأقنوم واحد . فقال له بترك القسطنطينية : إن كان المسيح طبيعة واحدة ، فالطبيعة الواحدة هي الطبيعة القديمة ، وهي الطبيعة المحدثة ، وإن كان القديم هو المحدث فالذي لم يزل هو الذي لم يكن ، ولو جاز أن يكون القديم هو المحدث لكان القائم هو القاعد ، والحار هو البارد ، فأبى أن يرجع عن مقالته فلعنوه ، فاستعدى إلى الملك ، وزعم أنهم ظلموه ، وسأله أن يكتب إلى جميع البتاركة للمناظرة ، فاستحضر الملك البتاركة والأساقفة من سائر البلاد إلى مدينة أفسس ، فثبت بترك الإسكندرية مقالة أوطيسوس ، وقطع بتاركة القسطنطينية وأنطاكية وبيت المقدس وسائر البتاركة والأساقفة ، وكتب إلى بترك رومية وإلى جماعة الكهنة ، فحرمهم ومنعهم من القربان ، إن لم يقبلوا مقالة أوطيسوس ، وفسدت الأمانة وصارت المقالة مقالة أوطيسوس وخاصة بمصر والإسكندرية وهو مذهب اليعقوبية .

فافترق هذا المجمع الخاص ، وكل فريق يلعن الآخر ويحرمه ويتبرأ من مقالته .

التالي السابق


الخدمات العلمية