روى الحافظ المقدسي ، عن رحمه الله تعالى : القول في السنة التي أنا عليها ، ورأيت عليها الذين رأيتهم مثل محمد بن إدريس الشافعي سفيان ، ومالك وغيرهما إقرار بشاهدة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن الله - تعالى - على عرشه في سمائه ، يقرب من خلقه كيف شاء ، وينزل إلى السماء الدنيا كيف شاء ، وذكر سائر الاعتقاد .
وقال : من لا يوقن أن عبد الله بن مسلمة القعنبي ، فهو جهمي . الرحمن على العرش استوى كما يقر في قلوب العامة
وقال - رحمهما الله تعالى : ناظرت عاصم بن علي شيخ البخاري جهما ، فتبين من كلامه أنه لا يؤمن أن في السماء ربا . وقال : نقف على ما وقف عليه القرآن والسنة ، نقول : ( عبد الله بن الزبير الحميدي الرحمن على العرش استوى ) ، ومن زعم غير ذلك فهو مبطل جهمي . وقال ، وحبس رجل في التجهم ، فجيء به إليه ليمتحنه ، فقال له : أتشهد أن الله على عرشه ، بائن من خلقه ؟ فقال : لا أدري ما بائن من خلقه . فقال : ردوه ، فإنه لم يتب بعد . وقال هشام بن عبيد الله الرازي محمد بن [ ص: 191 ] مصعب العابد : من زعم أنك لا تتكلم ولا ترى في الآخرة ، فهو كافر بوجهك ، أشهد أنك فوق العرش فوق سبع سماوات ، ليس كما تقول أعداء الله الزنادقة .
وقال أبو عمران الطرسوسي ، قلت : لسنيد بن داود : هو - عز وجل - على عرشه بائن من خلقه ؟ قال : نعم . وقال حماد بن نعيم في قوله : ( وهو معكم ) قال : معناه أنه لا يخفى عليه خافية بعلمه ، ألا ترى قوله تعالى : ( ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ) الآية . وقال رحمه الله تعالى : من شبه الله بخلقه فقد كفر ، ومن أنكر ما وصف به نفسه فقد كفر ، وليس ما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيها .
وقال : والإيمان بأن الله - تعالى - على عرشه ، استوى كما شاء ، وأنه عالم بكل ما كان ، وأنه يقول ويخلق ، فقوله " كن " ليس بمخلوق ، ومن دعائه : اللهم إنك تعلم من فوق عرشك أن الذل أحب إلي من الشرف ، اللهم إنك تعلم من فوق عرشك أن الفقر أحب إلي من الغنى ، اللهم إنك تعلم من فوق عرشك أني لا أؤثر على حبك شيئا . بشر الحافي
وقال في أحاديث الرؤية : والكرسي موضع القدمين ، وضحك ربنا ، وحديث أين كان ربنا ، فقال : هذه أحاديث صحاح ، حملها أصحاب الحديث بعضهم عن بعض ، وهي عندنا حق لا نشك فيها ، ولكن إذا قيل لنا : كيف وضع قدمه ؟ وكيف يضحك ؟ قلنا : لا نفسر هذا ، ولا سمعنا أحدا يفسره . أبو عبيد القاسم بن سلام
وقال ، وسئل عن علم الله ، فقال : علم الله معنا ، وهو على عرشه . وقال أحمد بن نصر : دخلت امرأة مكي بن إبراهيم جهم على زوجتي ، فقالت : يا أم إبراهيم ، هذا زوجك الذي يحدث عن العرش من نجره ؟ قالت : نجره الذي نجر أسنانك . قال : وكانت بادية الأسنان .
وقال : قول الأئمة في الإسلام والسنة والجماعة : نعرف ربنا في السماء السابعة على عرشه ، كما قال جل جلاله : ( قتيبة بن سعيد الرحمن على العرش استوى ) . وقال : آخر كلام أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم القطيعي الجهمية أنه ليس في السماء إله .
وقال : إذا قال لك الجهمي : وكيف ينزل ؟ فقل : كيف يصعد ؟ قلت : الكيف في الحالين منفي [ ص: 192 ] عن الله تعالى ، لا مجال للعقل فيه . وعن يحيى بن معين أنه سئل ما قول أهل الجماعة ؟ قال : يؤمنون بالرؤية وبالكلام ، وأن الله - عز وجل - فوق السماوات على عرشه استوى . فسئل عن قوله تعالى : ( علي بن المديني ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ) ، فقال : اقرأ ما قبله : ( ألم تر أن الله يعلم ) . وسئل إمام أبو عبد الله أحمد بن حنبل أهل السنة : ؟ قال : نعم ، هو على عرشه ، ولا يخلو شيء من علمه . وقيل له : ما معنى : ( الله فوق السماء السابعة على عرشه ، بائن من خلقه ، وقدرته وعلمه بكل مكان وهو معكم ) ؟ قال : علمه محيط بالكل ، وربنا على العرش بلا حد ولا صفة .
وقال : قلت حرب بن إسماعيل الكرماني : قوله تعالى : ( لإسحاق بن راهويه ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ) ، كيف تقول فيه ؟ قال : حيث ما كنت ، فهو أقرب إليك من حبل الوريد ، وهو بائن من خلقه ، ثم ذكر عن قوله : هو على عرشه بائن من خلقه ، ثم قال : أعلى شيء في ذلك وأبينه قوله تعالى : ( ابن المبارك الرحمن على العرش استوى ) . رواه الخلال في السنة ، وقال : دخلت على إسحاق بن راهويه ، فقال : ما هذه الأحاديث ، يروون أن الله - تعالى - ينزل إلى السماء الدنيا ؟ قلت : نعم ، رواها الثقات الذين يروون الأحكام . فقال : ينزل ويدع عرشه ؟ فقلت : يقدر أن ينزل من غير أن يخلو منه العرش ؟ قال : نعم . قلت : فلم تتكلم في هذا ؟ وروى ابن طاهر الخلال عنه قال : قال الله تعالى : ( الرحمن على العرش استوى ) إجماع أهل العلم أنه فوق العرش استوى ، ويعلم كل شيء في أسفل الأرض السابعة .
وقال رجل رحمه الله تعالى : يا لابن الأعرابي أبا عبد الله ، ما معنى قوله : ( الرحمن على العرش استوى ) ؟ قال : هو على عرشه كما أخبر . فقال الرجل : ليس كذاك ، إنما معناه استولى . فقال : اسكت ، ما يدريك ما هذا ؟ العرب لا تقول للرجل استولى على الشيء حتى يكون له فيه مضاد ، فأيهما غلب قيل استولى ، والله - تعالى - لا مضاد له ، وهو على عرشه كما أخبر ، ثم قال : الاستيلاء بعد المغالبة ، قال النابغة :
إلا لمثلك أو ما أنت سابقه سبق الجواد إذا استولى على الأمد
.وقال - رحمه الله : أشرق لنور وجهه السماوات ، وأنار لوجهه الظلمات ، وحجب جلاله عن العيون ، وناجاه على عرشه ألسنة الصدور . ذو النون المصري