طبقة أخرى
روى ، عن ابن أبي حاتم ، قال : كلام جرير بن عبد الحميد الجهمية أوله عسل ، وآخره سم ، وإنما يحاولون أن يقولوا ليس في السماء إله . وصح عن قال : قلت علي بن الحسن بن شقيق ، كيف نعرف ربنا عز وجل ؟ قال : في السماء السابعة على عرشه ، ولا نقول كما تقول لعبد الله بن المبارك الجهمية إنه هاهنا في الأرض . فقيل : هذا ، فقال : هكذا هو عندنا . وعنه - رضي الله عنه - أن رجلا قال له : يا لأحمد بن حنبل أبا عبد الرحمن ، قد خفت الله من كثرة ما أدعو على الجهمية . قال : لا تخف ، فإنهم يزعمون أن إلهك الذي في السماء ليس بشيء . رواه عبد الله بن أحمد .
وقال نوح الجامع ، وسأله رجل عن الله - عز وجل - في السماء هو ؟ فحدث بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - حين سأل الأمة، ثم قال : سماها النبي - صلى الله عليه وسلم - مؤمنة أن عرفت أن الله - عز وجل - في السماء . رواه أين الله ؟ قالت : في السماء [ ص: 188 ] . قال : أعتقها ، فإنها مؤمنة عبد الله بن أحمد أيضا .
وقال : كلمت عباد بن العوام وأصحابه ، فرأيت آخر كلامهم ينتهي أن يقولوا ليس في السماء شيء ، أرى أن لا يناكحوا ولا يوارثوا . وثبت عن بشرا المريسي أبي يوسف - رحمه الله - قال : من طلب الدين بالكلام تزندق ، ومن طلب المال بالكيمياء أفلس ، ومن تتبع غريب الحديث كذب ، وقد ضرب علي الأحول وطوف به في شأن الكلام ، وضرب آخر كان معه .
وقال محمد بن الحسن : اتفق الفقهاء كلهم من المشرق إلى المغرب على الإيمان بالقرآن والأحاديث التي جاء بها الثقات عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صفة الرب - عز وجل - من غير تفسير ، ولا وصف ولا تشبيه ، فمن فسر شيئا من ذلك ، فقد خرج مما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وفارق الجماعة ; لأنه وصفه بصفة لا شيء .
وكتب - قبحه الله تعالى - إلى بشر المريسي - رحمه الله تعالى - يسأله عن قوله : ( منصور بن عمار الرحمن على العرش استوى ) ، كيف استوى ؟ فكتب إليه : استواؤه غير محدود ، والجواب فيه تكلف ، ومسألتك عن ذلك بدعة ، والإيمان بجملة ذلك واجب ، قال الله - تعالى - ( فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ) .
وقيل : من الجهمي ؟ قال : من زعم أن قوله تعالى : ( ليزيد بن هارون الرحمن على العرش استوى ) على خلاف ما يقر في [ ص: 189 ] قلوب العامة ، فهو جهمي . رواه عبد الله بن أحمد .
وقال ، وذكر سعيد بن عامر الضبعي الجهمية ، فقال : هم شر قولا من اليهود والنصارى ، قد اجتمع اليهود والنصارى وأهل الأديان مع المسلمين على أن الله - عز وجل - على العرش ، وقالوا هم : ليس على العرش . وقال رضي الله عنه : حدثنا أحمد بن حنبل ، عن وكيع إسرائيل بحديث : " إذا جلس الرب - جل جلاله - على الكرسي " فاقشعر رجل عند ، فغضب وكيع ، وقال : أدركنا وكيع الأعمش يحدثون بهذه الأحاديث ولا ينكرونها . والثوري
وقال مرة : نسلم هذه الأحاديث كما جاءت ، ولا نقول كيف كذا ؟ ولا لم كذا ؟ وقال : إن عبد الرحمن بن مهدي الجهمية أرادوا أن ينفوا أن يكون الله - تعالى - كلم موسى ، وأن يكون على العرش ، أرى أن يستتابوا ، فإن تابوا وإلا ضربت أعناقهم . وقال : إياكم ورأي وهب بن جرير جهم ، فإنهم يحاولون أنه ليس شيء في السماء ، وما هو إلا من وحي إبليس ، ما هو إلا الكفر . وقال لما قدمت امرأة الأصمعي جهم ، فقال رجل عندها : الله على عرشه ، فقالت : محدود على محدود . قال : هي كافرة بهذه المقالة . الأصمعي
وقال في قوله : ( الخليل بن أحمد ثم استوى إلى السماء ) ، يقول : ارتفع . وقال الفراء صعد . وعن [ ص: 190 ] عبد الله بن أبي جعفر الرازي أنه ضرب رأس قرابة له ، كان يرى رأي جهم ، وكان يضرب بالنعل على رأسه ، ويقول : لا ، حتى تقول الرحمن على العرش استوى ، بائن من خلقه .