الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      معلومات الكتاب

      معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول

      الحكمي - حافظ بن أحمد الحكمي

      صفحة جزء
      ( القدير ) الذي له مطلق القدرة وكمالها وتمامها ، الذي ما كان ليعجزه من شيء في الأرض ولا في السماء ، الذي ما خلق الخلق ولا بعثهم في كمال قدرته إلا كنفس واحدة ، الذي إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ، الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه ، الذي يمسك السماوات والأرض أن تزولا ، ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده ، ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه ، الذي وسع كرسيه السماوات والأرض ، ولا يؤده حفظهما ، أي لا يكرثه ولا يثقله ، الفعال لما يشاء إذا شاء كيف شاء في أي وقت شاء .

      قال الله تعالى : ( إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديرا ) ، ( النساء : 133 ) ، وقال - تعالى - بعد الكلام على البدء والإعادة : ( ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل ) ، ( الحج : 6 ) الآية ، وقال - تعالى - بعد الكلام على هذا المعنى : ( ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحيي الموتى وأنه على كل شيء قدير ) ، ( الحج : 6 ) ، وقال تعالى : ( أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم وكانوا أشد منهم قوة وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض إنه كان عليما قديرا ) ، ( فاطر : 44 ) .

      [ ص: 139 ] وقال تعالى : ( ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة ) ، ( لقمان : 28 ) ، وقال تعالى : ( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ) ، ( يس : 82 ) ، وقال تعالى : ( أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شيء قدير ) ، ( الأحقاف : 33 ) ، وقال تعالى : ( أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد ) ، ( ق : 15 ) ، وقال : ( ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب ) ، ( ق : 38 ) ، وقال تعالى : ( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما ) ، ( الطلاق : 12 ) ، وقال تعالى : ( توقدون أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ) ، ( يس : 81 - 82 ) ، وقال تعالى : ( تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير ) ، ( تبارك : 1 ) ، وقال تعالى : ( فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون على أن نبدل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين ) ، ( المعارج : 40 ) ، وقال تعالى : ( وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون ) ، ( المؤمنون : 18 ) ، وقال تعالى : ( ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحيي الموتى إنه على كل شيء قدير ) ، ( فصلت : 39 ) ، وقال تعالى : ( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير ) ، ( العنكبوت : 20 - 22 ) .

      والآيات في هذا الباب كثيرة يطول ذكرها ، بل كل آيات الله الظاهرة والمعنوية وجميع مخلوقاته العلوية والسفلية تدل على كمال قدرته الشاملة التي لا يخرج عنها مثقال ذرة ، كما أنه لا يعزب عن علمه مثقال ذرة ، وعبارة العبد تقصر عن ذلك المعنى العظيم ، وكفى العبد دليلا أن ينظر في خلق نفسه ، كيف قدره أحكم الحاكمين ، وخلقه في أحسن تقويم ، وشق له [ ص: 140 ] السمع فسمع ، والبصر فأبصر ، واللسان فنطق ، والفؤاد فعقل ، إلى غير ذلك ، فكيف إذا سرح قلبه في عجائب الملكوت ، ونظر بعين بصيرته إلى مبدعات الحي الذي لا يموت ، ورأى الآيات الباهرة ، والبراهين الظاهرة على كمال قدرة ذي العزة والجبروت ، ( أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون ) ، ( الأعراف : 185 ) ، وفي حديث الاستخارة المتفق عليه : اللهم إني أستخيرك بعلمك ، وأستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم ، فإنك تقدر ولا أقدر ، وتعلم ولا أعلم . الحديث .

      التالي السابق


      الخدمات العلمية