[ ص: 1084 ] nindex.php?page=treesubj&link=29299الإذن بالقتال .
وبعدها كلف بالقتال لشيعة الكفران والضلال حتى أتوا للدين منقادينا
ودخلوا في السلم مذعنينا
.
( وبعدها ) أي بعد الهجرة ( كلف ) أي أمر ( بالقتال ) في سبيل الله - عز وجل - ( لشيعة ) أعوان ( الكفر ) بالله وما أرسل الله به رسله ونزل به كتبه ( والضلال ) عن صراطه المستقيم . وكان الجهاد
بمكة بإقامة الحجة والبيان بما يتلوه عليهم من القرآن من حين أنزل عليه - صلى الله عليه وسلم - (
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=1يا أيها المدثر nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=2قم فأنذر ) ، ( المدثر 1 ) الآيات ، وهي أول ما نزل بعد فترة الوحي ، وبينها وبين نزول الآيات من صدر سورة العلق ثلاث سنين ، فيما ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق - رحمه الله - وذلك مدة الفترة ، وسمى الله تعالى تلاوة القرآن على المشركين جهادا لهم ، فقال تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=50ولقد صرفناه بينهم ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفورا nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=51ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=52فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا ) ، ( الفرقان 51 - 52 ) .
وأما الجهاد المحسوس بالسيف ، فلم يكن
بمكة مأمورا إلا بالعفو أو الإعراض عن الجاهلين ، والصبر على أذاهم واحتمال ما يلقى منهم كقوله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=199خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ) ، ( الأعراف 199 ) الآيات ، وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=94فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين ) ، ( الحجر 94 ) الآيات وغيرها .
ولهذا قال أئمة التفسير : إن آيات الإعراض عن المشركين نسختها آيات السيف ، فلما هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى
المدينة ، وصارت لهم دار منعة ، وإخوان صدق ، وأنصار حق ، أذن الله تعالى لهم في الجهاد ، فقال - عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=39أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=40الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=41الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور ) ، ( الحج 39 - 41 )
[ ص: 1085 ] ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=190وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=191واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=192فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=193وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين ) ، ( البقرة 190 - 193 ) الآيات ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض ) الآيات .
وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=38قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=39وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير ) ، ( الأنفال 38 - 40 ) ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=112التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين ) ، ( التوبة 111 - 112 ) ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=4إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ) ، ( الصف 4 ) إلى أن قال - عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=10يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=11تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=12يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=13وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=14يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله ) ، ( الصف 10 - 14 )
[ ص: 1086 ] الآية .
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1024776أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله . . . الحديث ، وقال - صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025514بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبدوا الله وحده لا شريك له بأن يقولوا لا إله إلا الله ،أو كما قال ، وقال - صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025515اغزوا باسم الله في سبيل الله ، قاتلوا من كفر بالله . . . الحديث .
والآيات والأحاديث في الجهاد أكثر من أن تحصى ، وقد أفردت لها مصنفات مستقلات ، والجهاد ذروة سنام الإسلام ، ولا يقوم إلا به ، كما أن بيان شرائعه لا تقوم إلا بالكتاب ، ولهذا قرن الله تعالى بينهما فقال : (
لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ) ، ( الحديد 25 ) ، فالكتاب لبيان الحق والهداية إليه ، والحديد لحمل الناس على الحق وأطرهم عليه .
والمقصود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين أذن الله له بالقتال وأمره به ، شمر عن ساعد الاجتهاد في شأنه ، وكان بينه وبين المشركين ما كان من الوقائع المشهورة والغزوات المذكورة ،
كبدر وأحد والخندق والفتح ، وغيرها فوق عشرين غزوة وفوق أربعين سرية ، ونصره الله بالرعب في قلوب أعدائه مسافة شهر ، حتى فتح
[ ص: 1087 ] الله به وبكتابه وأنصاره البلاد والقلوب وعمرها ، ففتح البلاد بالسيف والقلوب بالإيمان ، وعمر البلاد بالعدل والقلوب بالعلم ، فلله الحمد والمنة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب - رضي الله عنه : بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - بأربعة أسياف : سيف للمشركين (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=191واقتلوهم حيث ثقفتموهم ) ، ( البقرة 191 ) ، وسيف للمنافقين (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=73يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ) ، ( التوبة 73 ) ، وسيف لأهل الكتاب (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) ، ( التوبة 29 ) ، وسيف للبغاة (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=9وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله ) ، ( الحجرات 9 ) .
وقد بذل
المهاجرون والأنصار مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أموالهم وأنفسهم في سبيل الله ، كما وصفهم الله - تبارك وتعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=15إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون ) ، ( الحجرات 15 ) .
وبذل المشركون جهدهم ومجهودهم في عداوته وقتاله وألبوا وتحزبوا ، كما قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=36إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون ) ، ( الأنفال 36 ) ، الآيات .
وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=8يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=9هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ) ، ( الصف 8 ) ، فقد فعل - تبارك وتعالى - ( حتى أتوا للدين ) دين الإسلام ( منقادينا ) - الألف للإطلاق - طوعا وكرها ، ( ودخلوا في السلم ) أي الإسلام ( مذعنينا ) مستسلمين .
وكان معظم ظهوره بعد الفتح ; لأن الناس كانوا ينتظرون بإسلامهم
قريشا ; لأنهم في الجاهلية هم سادة العرب وقادتها ، وكذلك هم في الإسلام ، فلما أسلموا
[ ص: 1088 ] بادر كل قوم بإسلامهم ، وتواترت الوفود إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كل فج عميق ، وانتشر الإسلام وجرت أحكامه ، وانتشرت أعلامه في كل جزيرة العرب ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - حي .
وأنزل الله - عز وجل - عليه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=110&ayano=1إذا جاء نصر الله والفتح nindex.php?page=tafseer&surano=110&ayano=2ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا nindex.php?page=tafseer&surano=110&ayano=3فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا ) ، ( النصر 1 - 3 ) ، ولهذا علم هو أصحابه أن ذلك أجله ، أعلمه الله به ، كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري - رحمه الله تعالى : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17173موسى بن إسماعيل ، حدثنا
أبو عوانة ، عن
أبي بشر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : كان
عمر يدخلني مع أشياخ
بدر ، فكأن بعضهم وجد في نفسه ، فقال : لم تدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله ؟ فقال
عمر : إنه من حيث علمتم ، فدعاه ذات يوم فأدخله معهم ، فما رويت أنه دعاني يومئذ إلا ليريهم ، قال : ما تقولون في قول الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=110&ayano=1إذا جاء نصر الله والفتح ) ، ( النصر 1 ) ؟ فقال بعضهم : أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا . وسكت بعضهم ، فلم يقل شيئا ، فقال لي : أكذاك تقول يا
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ؟ فقلت : لا . قال : فما تقول ؟ هو أجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلمه ، قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=110&ayano=1إذا جاء نصر الله والفتح ) ، ( النصر 1 ) ، وذلك علامة أجلك (
nindex.php?page=tafseer&surano=110&ayano=3فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا ) ، ( النصر 3 ) . فقال
عمر : ما أعلم منها إلا ما تقول .
وفرض الله عليه بعد الهجرة جميع الفرائض التي لم تفرض من قبل ، فالجهاد في السنة الأولى ، وأتمت صلاة السفر في الأولى ، وشرع الأذان والصيام وزكاة الفطر وزكاة النصب وتحويل القبلة إلى
الكعبة كلها في الثانية ، وشرع التيمم سنة ست ، وصلاة الخوف سنة سبع ، والحج في السادسة ، وقيل في التاسعة وقيل في العاشرة ، وفيها حج - صلى الله عليه وسلم - وأنزل الله - عز وجل - عليه وهو واقف
بعرفة يوم الجمعة (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) ، ( المائدة 3 ) ، كما قدمنا ، الحديث في الصحيحين .
[ ص: 1084 ] nindex.php?page=treesubj&link=29299الْإِذْنُ بِالْقِتَالِ .
وَبَعْدَهَا كُلِّفَ بِالْقِتَالِ لِشِيعَةِ الْكُفْرَانِ وَالضَّلَالِ حَتَّى أَتَوْا لِلدِّينِ مُنْقَادِينَا
وَدَخَلُوا فِي السِّلْمِ مُذْعَنِينَا
.
( وَبَعْدَهَا ) أَيْ بَعْدَ الْهِجْرَةِ ( كُلِّفَ ) أَيْ أُمِرَ ( بِالْقِتَالِ ) فِي سَبِيلِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ( لِشِيعَةِ ) أَعْوَانِ ( الْكُفْرِ ) بِاللَّهِ وَمَا أَرْسَلَ اللَّهُ بِهِ رُسُلَهُ وَنَزَّلَ بِهِ كُتُبَهُ ( وَالضَّلَالِ ) عَنْ صِرَاطِهِ الْمُسْتَقِيمِ . وَكَانَ الْجِهَادُ
بِمَكَّةَ بِإِقَامَةِ الْحُجَّةِ وَالْبَيَانِ بِمَا يَتْلُوهُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْقُرْآنِ مِنْ حِينِ أُنْزِلَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=1يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=2قُمْ فَأَنْذِرْ ) ، ( الْمُدَّثِّرِ 1 ) الْآيَاتِ ، وَهِيَ أَوَّلُ مَا نَزَلَ بَعْدَ فَتْرَةِ الْوَحْيِ ، وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ نُزُولِ الْآيَاتِ مِنْ صَدْرِ سُورَةِ الْعَلَقِ ثَلَاثُ سِنِينَ ، فِيمَا ذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَذَلِكَ مُدَّةَ الْفَتْرَةِ ، وَسَمَّى اللَّهَ تَعَالَى تِلَاوَةَ الْقُرْآنِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ جِهَادًا لَهُمْ ، فَقَالَ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=50وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=51وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=52فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ) ، ( الْفُرْقَانِ 51 - 52 ) .
وَأَمَّا الْجِهَادُ الْمَحْسُوسُ بِالسَّيْفِ ، فَلَمْ يَكُنْ
بِمَكَّةَ مَأْمُورًا إِلَّا بِالْعَفْوِ أَوِ الْإِعْرَاضِ عَنِ الْجَاهِلِينَ ، وَالصَّبْرِ عَلَى أَذَاهُمْ وَاحْتِمَالِ مَا يَلْقَى مِنْهُمْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=199خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ) ، ( الْأَعْرَافِ 199 ) الْآيَاتِ ، وَقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=94فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ) ، ( الْحِجْرِ 94 ) الْآيَاتِ وَغَيْرَهَا .
وَلِهَذَا قَالَ أَئِمَّةُ التَّفْسِيرِ : إِنِّ آيَاتِ الْإِعْرَاضِ عَنِ الْمُشْرِكِينَ نَسَخَتْهَا آيَاتُ السَّيْفِ ، فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى
الْمَدِينَةِ ، وَصَارَتْ لَهُمْ دَارُ مَنَعَةٍ ، وَإِخْوَانُ صِدْقٍ ، وَأَنْصَارُ حَقٍّ ، أَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ فِي الْجِهَادِ ، فَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=39أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=40الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=41الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ) ، ( الْحَجِّ 39 - 41 )
[ ص: 1085 ] ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=190وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=191وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=192فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=193وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ ) ، ( الْبَقَرَةِ 190 - 193 ) الْآيَاتِ ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ ) الْآيَاتِ .
وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=38قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=39وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) ، ( الْأَنْفَالِ 38 - 40 ) ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=112التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) ، ( التَّوْبَةِ 111 - 112 ) ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=4إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ ) ، ( الصَّفِّ 4 ) إِلَى أَنْ قَالَ - عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=10يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=11تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=12يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=13وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=14يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ ) ، ( الصَّفِّ 10 - 14 )
[ ص: 1086 ] الْآيَةَ .
وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1024776أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ . . . الْحَدِيثَ ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025514بُعِثْتُ بِالسَّيْفِ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ حَتَّى يَعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ بِأَنْ يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ،أَوْ كَمَا قَالَ ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025515اغْزُوَا بِاسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ . . . الْحَدِيثَ .
وَالْآيَاتُ وَالْأَحَادِيثُ فِي الْجِهَادِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى ، وَقَدْ أُفْرِدَتْ لَهَا مُصَنَّفَاتٌ مُسْتَقِلَّاتٌ ، وَالْجِهَادُ ذُرْوَةُ سَنَامِ الْإِسْلَامِ ، وَلَا يَقُومُ إِلَّا بِهِ ، كَمَا أَنَّ بَيَانَ شَرَائِعِهِ لَا تَقُومُ إِلَّا بِالْكِتَابِ ، وَلِهَذَا قَرَنَ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَهُمَا فَقَالَ : (
لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ ) ، ( الْحَدِيدِ 25 ) ، فَالْكِتَابُ لِبَيَانِ الْحَقِّ وَالْهِدَايَةِ إِلَيْهِ ، وَالْحَدِيدُ لِحِمْلِ النَّاسِ عَلَى الْحَقِّ وَأَطْرِهِمْ عَلَيْهِ .
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ أَذِنَ اللَّهُ لَهُ بِالْقِتَالِ وَأَمَرَهُ بِهِ ، شَمَّرَ عَنْ سَاعِدِ الِاجْتِهَادِ فِي شَأْنِهِ ، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ مَا كَانَ مِنَ الْوَقَائِعِ الْمَشْهُورَةِ وَالْغَزَوَاتِ الْمَذْكُورَةِ ،
كَبَدْرٍ وَأُحُدٍ وَالْخَنْدَقِ وَالْفَتْحِ ، وَغَيْرِهَا فَوْقَ عِشْرِينَ غَزْوَةً وَفَوْقَ أَرْبَعِينَ سَرِيَّةً ، وَنَصَرَهُ اللَّهُ بِالرُّعْبِ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِهِ مَسَافَةَ شَهْرٍ ، حَتَّى فَتَحَ
[ ص: 1087 ] اللَّهُ بِهِ وَبِكِتَابِهِ وَأَنْصَارِهِ الْبِلَادَ وَالْقُلُوبَ وَعَمَّرَهَا ، فَفَتَحَ الْبِلَادَ بِالسَّيْفِ وَالْقُلُوبَ بِالْإِيمَانِ ، وَعَمَّرَ الْبِلَادَ بِالْعَدْلِ وَالْقُلُوبَ بِالْعِلْمِ ، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : بُعِثَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَرْبَعَةِ أَسْيَافٍ : سَيْفٌ لِلْمُشْرِكِينَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=191وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ ) ، ( الْبَقَرَةِ 191 ) ، وَسَيْفٌ لِلْمُنَافِقِينَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=73يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ) ، ( التَّوْبَةِ 73 ) ، وَسَيْفٌ لِأَهْلِ الْكِتَابِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ) ، ( التَّوْبَةِ 29 ) ، وَسَيْفٌ لِلْبُغَاةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=9وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ) ، ( الْحُجُرَاتِ 9 ) .
وَقَدْ بَذَلَ
الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْوَالَهُمْ وَأَنْفُسَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، كَمَا وَصَفَهُمُ اللَّهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=15إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ) ، ( الْحُجُرَاتِ 15 ) .
وَبَذَلَ الْمُشْرِكُونَ جُهْدَهُمْ وَمَجْهُودَهُمْ فِي عَدَاوَتِهِ وَقِتَالِهِ وَأَلَّبُوا وَتَحَزَّبُوا ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=36إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ) ، ( الْأَنْفَالِ 36 ) ، الْآيَاتِ .
وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=8يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=9هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) ، ( الصَّفِّ 8 ) ، فَقَدْ فَعَلَ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - ( حَتَّى أَتَوْا لِلدِّينِ ) دِينِ الْإِسْلَامِ ( مُنْقَادِينَا ) - الْأَلْفُ لِلْإِطْلَاقِ - طَوْعًا وَكَرْهًا ، ( وَدَخَلُوا فِي السِّلْمِ ) أَيِ الْإِسْلَامِ ( مُذْعِنِينَا ) مُسْتَسْلِمِينَ .
وَكَانَ مُعْظَمُ ظُهُورِهِ بَعْدَ الْفَتْحِ ; لِأَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَنْتَظِرُونَ بِإِسْلَامِهِمْ
قُرَيْشًا ; لِأَنَّهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ هُمْ سَادَةُ الْعَرَبِ وَقَادَتُهَا ، وَكَذَلِكَ هُمْ فِي الْإِسْلَامِ ، فَلَمَّا أَسْلَمُوا
[ ص: 1088 ] بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلَامِهِمْ ، وَتَوَاتَرَتِ الْوُفُودُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ، وَانْتَشَرَ الْإِسْلَامُ وَجَرَتْ أَحْكَامُهُ ، وَانْتَشَرَتْ أَعْلَامُهُ فِي كُلِّ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيٌّ .
وَأَنْزَلَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلَيْهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=110&ayano=1إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ nindex.php?page=tafseer&surano=110&ayano=2وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا nindex.php?page=tafseer&surano=110&ayano=3فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ) ، ( النَّصْرَ 1 - 3 ) ، وَلِهَذَا عَلَّمَ هُوَ أَصْحَابَهُ أَنَّ ذَلِكَ أَجَلَهُ ، أَعْلَمَهُ اللَّهُ بِهِ ، كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17173مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنَا
أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ
أَبِي بِشْرٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ : كَانَ
عُمَرُ يُدْخِلُنِي مَعَ أَشْيَاخِ
بَدْرٍ ، فَكَأَنَّ بَعْضَهُمْ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ ، فَقَالَ : لِمَ تُدْخِلُ هَذَا مَعَنَا وَلَنَا أَبْنَاءُ مِثْلُهُ ؟ فَقَالَ
عُمَرُ : إِنَّهُ مِنْ حَيْثُ عَلِمْتُمْ ، فَدَعَاهُ ذَاتَ يَوْمٍ فَأَدْخَلَهُ مَعَهُمْ ، فَمَا رَوَيْتُ أَنَّهُ دَعَانِي يَوْمَئِذٍ إِلَّا لِيُرِيَهُمْ ، قَالَ : مَا تَقُولُونَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=110&ayano=1إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ) ، ( النَّصْرِ 1 ) ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : أُمِرْنَا أَنْ نَحْمَدَ اللَّهَ وَنَسْتَغْفِرَهُ إِذَا نُصِرْنَا وَفُتِحَ عَلَيْنَا . وَسَكَتَ بَعْضُهُمْ ، فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا ، فَقَالَ لِي : أَكَذَاكَ تَقُولُ يَا
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنَ عَبَّاسٍ ؟ فَقُلْتُ : لَا . قَالَ : فَمَا تَقُوُلُ ؟ هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُعْلِمَهُ ، قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=110&ayano=1إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ) ، ( النَّصْرِ 1 ) ، وَذَلِكَ عَلَامَةُ أَجْلِكَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=110&ayano=3فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ) ، ( النَّصْرَ 3 ) . فَقَالَ
عُمَرُ : مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلَّا مَا تَقُولُ .
وَفَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ جَمِيعَ الْفَرَائِضِ الَّتِي لَمْ تُفْرَضْ مِنْ قَبْلُ ، فَالْجِهَادُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى ، وَأُتِمَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ فِي الْأُولَى ، وَشَرَعَ الْأَذَانَ وَالصِّيَامَ وَزَكَاةَ الْفِطْرِ وَزَكَاةَ النُّصُبِ وَتَحْوِيلَ الْقِبْلَةِ إِلَى
الْكَعْبَةِ كُلَّهَا فِي الثَّانِيَةِ ، وَشَرَعَ التَّيَمُّمَ سَنَةَ سِتٍّ ، وَصَلَاةَ الْخَوْفِ سَنَةَ سَبْعٍ ، وَالْحَجَّ فِي السَّادِسَةِ ، وَقِيلَ فِي التَّاسِعَةِ وَقِيلَ فِي الْعَاشِرَةِ ، وَفِيهَا حَجَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنْزَلَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلَيْهِ وَهُوَ وَاقِفٌ
بِعَرَفَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) ، ( الْمَائِدَةِ 3 ) ، كَمَا قَدَّمْنَا ، الْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ .