( تنبيهات )
( الأول ) ما قدمنا من اعتبار هو عين الكمال والمؤثر أمره ونهيه في القلوب ، والذي قاله وحاله ترياق الذنوب في ظهور الإنجاح وإدراك الفلاح ، وأما الوجوب فلا يسقط عن المكلف وإن كان بغير تلك الأوصاف ، بل من غير أهل العدالة والعفاف ، فعلى مرتكب الذنب النهي عن مثل ما ارتكب ، لأن تركه للمنكر [ ص: 433 ] ونهيه فرضان متميزان ليس لمن يترك أحدهما أن يترك الآخر ، فيجب على متعاطي الكأس أن ينكر على الجلاس ، لأن كون الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر مستقيم الحال والانكفاف عن المحرم واجب ، والإخلال بأحد الواجبين لا يمنع وجوب فعل الآخر ، وقد روى النهي عن المنكر واجب بإسناد فيه ضعف عن ابن أبي الدنيا - رضي الله عنه - مرفوعا : " أبي هريرة ، وانهوا الناس عن المنكر وإن لم تتناهوا عنه كله مروا الناس بالمعروف وإن لم تعملوا به " . وقيل للحسن : إن فلانا لا يعظ ويقول أخاف أن أقول ما لا أفعل . فقال الحسن : وأينا يفعل ما يقول ود الشيطان أنه قد ظفر بهذا فلم يأمر أحد بمعروف ولم ينه عن منكر . وقال عن الإمام مالك ربيعة قال : لو كان المرء لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر حتى لا يكون فيه شيء ما أمر أحد بمعروف ولا نهى عن منكر . قال سعيد بن جبير : ( وصدق ) ومن ذا الذي ليس فيه شيء ! الإمام مالك