( الخامس )
ثبت في عدة أخبار عن النبي المختار - صلى الله عليه وسلم - ما كر الليل على النهار أن فيدخلون جنات النعيم قبل وضع الموازين ، وأخذ الصحف بالشمال واليمين ، فقد أخرج الشيخان ، وغيرهما عن طائفة من هذه الأمة بلا ارتياب يدخلون الجنة بغير حساب - رضي الله عنهما - قال : ابن عباس
" عرضت علي الأمم يمر النبي معه الرجل ، والنبي معه الرجلان ، والنبي ليس معه أحد ، والنبي معه الرهط ، فرأيت سوادا كثيرا فرجوت أن تكون أمتي ، فقيل لي : هذا موسى وقومه ، ثم قيل لي انظر ؛ فرأيت سوادا كثيرا قد سد الأفق ، فقيل هكذا وهكذا فرأيت سوادا كثيرا ، فقيل لي : هؤلاء أمتك ، ومع هؤلاء سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ، فتفرق الناس ، ولم يبين لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتذاكر ذلك أصحابه فقالوا ما قالوا ، أما نحن في الشرك ، ولكن قد آمنا بالله ورسوله ، هؤلاء أبناؤنا .
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم :
" هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون ، وعلى ربهم يتوكلون " فقام : عكاشة بن محصن
فقال : أنا منهم ؟ وفي لفظ : ادع الله أن أكون منهم يا رسول الله ، قال :
نعم ، ثم قام آخر فقال : أنا منهم ؟ فقال : " سبقك بها عكاشة " . قال الإمام المحقق خرج إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم فقال : ابن القيم في كتابه ( الداء والدواء ) قوله - صلى الله عليه وسلم : سبقك بها عكاشة ، لم يرد أن عكاشة وحده [ ص: 178 ] أحق بذلك ممن عداه من الصحابة ، ولكن لو دعا له لقام آخر وآخر ، وانفتح الباب ، وربما قام من لم يستحق أن يكون منهم فكان الإمساك أولى .
وأخرج الترمذي ، وحسنه عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال :
سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول " " . ويروى " حفنات " بالفتح ، وهو الغرف ملء اليدين ، وقيل الحثية باليد ، والحفنة باليدين . وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا لا حساب عليهم ولا عذاب ، مع كل ألف سبعون ألفا ، وثلاثة حثيات من حثيات ربي
وأخرج ، الإمام أحمد عن والطبراني أبي أيوب - رضي الله عنه -
" إن ربي خيرني بين سبعين ألفا يدخلون الجنة عفوا بغير حساب ، وبين الخبيئة عنده لأمتي " فقال له بعض أصحابه : أيخبأ ذلك ربك ؟ فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خرج وهو يكبر فقال : " إن ربي زادني مع كل ألف سبعين ألفا ، والخبيئة عنده " . فقيل :
يا أبا أيوب ، وما نظن خبيئة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ فأكله الناس بأفواههم فقالوا :
ما أنت وخبيئة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ فقال أبو أيوب دعوه أخبركم عن خبيئة رسول الله - صلى الله عليه وسلم ، إن خبيئة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقول رب من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله مصدقا لسانه قلبه فأدخله الجنة ، الخبيئة بخاء معجمة فموحدة وهمزة بوزن خطيئة . أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج ذات يوم إليهم فقال :
وأخرج البيهقي من حديث مرفوعا : " أبي هريرة
إذن أكملهم لك من الأعراب " . وأخرج سألت ربي فوعدني أن يدخل من أمتي سبعين ألفا على صورة القمر ليلة البدر ، فاستزدته فزادني مع كل ألف سبعين ألفا فقلت : أي رب ، أرأيت إن لم يكن هؤلاء مهاجري أمتي ؟ قال : ، الطبراني والبيهقي عن عمرو بن حزم الأنصاري - رضي الله عنه - قال : تغيب عنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة لا يخرج إلا لصلاة مكتوبة ثم يرجع فلما كان يوم الرابع ، خرج إلينا فقلنا :
يا رسول الله احتبست عنا حتى ظننا أنه قد حدث حدث ، قال :
" . لم يحدث إلا خير ، إن ربي وعدني وعدني أن يدخل من أمتي الجنة سبعين ألفا لا حساب عليهم ، وإني سألت ربي في هذه الثلاثة أيام المزيد فوجدت ربي ماجدا كريما فأعطاني [ ص: 179 ] مع كل واحد من السبعين ألفا سبعين ألفا ، قلت يا رب ، وتبلغ أمتي هذا ؟ قال أكمل لك العدد من الأعراب
وأخرج ، الإمام أحمد وأبو يعلى عن - رضي الله عنه - قال : أبي بكر الصديق أبو بكر :
فرأيت أن ذلك يأتي على أهل القرى ، ويصيب من حافات البوادي . قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " أعطيت سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ، وجوههم كالقمر ليلة البدر ، وقلوبهم على قلب رجل واحد ، واستزدت ربي فزادني مع كل واحد سبعين ألفا " . قال
وأخرج ، الإمام أحمد عن والطبراني - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق
عمرو :
يا رسول الله فهلا استزدته قال :
" قد استزدته فأعطاني مع كل رجل سبعين ألفا " . قال عمرو فهلا استزدته ؟ قال : " قد استزدته فأعطاني هكذا ، وفرج بين يديه ، وبسط باعيه ، وحثا " قال هشام : هذا من الله ما يدرى ما عدده . " إن ربي أعطاني سبعين ألفا من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب " ، وقال
وأخرج البزار عن أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : أبو بكر :
يا رسول الله زدنا ، قال : " وهكذا " فقال عمر : يا أبا بكر إن شاء الله أدخلهم الجنة بحفنة واحدة ، وأخرج " يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب " فقال بسند حسن عن الإمام أحمد حذيفة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
"
لا نخزيك في أمتك ، وأخبرني أن أول من يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا مع كل ألف سبعون ألفا ليس عليهم حساب " ، وأخرج هناد عن إن ربي استشارني في أمتي ماذا أفعل بهم ؟ فقلت ما شئت يا رب هم خلقك ، فقال : رضي الله عنها قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " أسماء بنت يزيد
أين الذين كانوا يحمدون الله على السراء والضراء ؟ فيقومون وهم قليل فيدخلون الجنة بغير حساب ، ثم يعود فينادي أين الذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع فيقومون وهم قليل فيدخلون الجنة بغير حساب ، ثم يعود فينادي ليقم الذين كانوا لا تلههم تجارة ولا بيع عن ذكر الله فيقومون وهم قليل فيدخلون الجنة بغير حساب ، ثم يقوم سائر الناس [ ص: 180 ] فيحاسبون " ورواه يجمع الله يوم القيامة الناس في صعيد واحد يسمعهم الداعي ، وينفذهم البصر فيقوم مناد ينادي : ، وغيره . ابن أبي الدنيا
وذكر الحافظ ابن رجب في كتابه لطائف المعارف فقال : قد روي أن المتهجدين يدخلون الجنة بغير حساب .
وذكر عن عن شهر بن حوشب عن النبي - صلى الله عليه وسلم : " إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة ، جاء مناد ينادي بصوت يسمع الخلائق : أسماء بنت يزيد
" فذكر الحديث ، قال الحافظ سيعلم الخلائق اليوم من أولى بالكرم ابن رجب :
ويروى أيضا عن عن شهر بن حوشب - رضي الله عنهما - من قوله ، ويروى نحوه من حديث ابن عباس عن ابن إسحاق عبد الله بن عطاء عن مرفوعا وموقوفا ، ويروى نحوه أيضا عن عقبة بن عامر عبادة بن الصامت وربيعة الجرشي والحسن وكعب من قولهم . قال الحافظ :
قال بعض السلف : قيام الليل يهون طول قيام يوم القيامة .
قال : وإذا كان أهله يسبقون إلى الجنة بغير حساب فقد استراح أهله من طول الوقوف للحساب ، والله أعلم .