وقد وصف الله تعالى نفسه بأن له المثل الأعلى ، فقال تعالى : للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى ( النحل : 60 ) ، وقال تعالى : وله المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم ( الروم : 27 ) . فجعل سبحانه مثل السوء - المتضمن للعيوب والنقائص وسلب الكمال - لأعدائه المشركين وأوثانهم ، وأخبر أن المثل الأعلى - المتضمن لإثبات الكمال كله - لله وحده . ونفى عنه ما وصف به نفسه من المثل الأعلى ، وهو الكمال المطلق ، المتضمن للأمور الوجودية ، والمعاني الثبوتية ، التي كلما كانت أكثر في الموصوف وأكمل - كان بها أكمل وأعلى من غيره . فمن سلب صفات الكمال عن الله تعالى فقد جعل له مثل السوء ،
ولما كانت صفات الرب سبحانه وتعالى أكثر وأكمل ، كان له المثل الأعلى ، وكان أحق به من كل ما سواه . بل يستحيل أن يشترك في المثل الأعلى المطلق اثنان ، لأنهما إن تكافآ من كل وجه ، لم يكن أحدهما أعلى من الآخر ، وإن لم يتكافآ ، فالموصوف به أحدهما وحده ، فيستحيل أن يكون لمن له المثل الأعلى مثل أو نظير .