[ ص: 769 ] فمن اعتقد في بعض البله أو المولعين ، مع تركه لمتابعة الرسول في أقواله وأفعاله وأحواله - أنه من أولياء الله ، ويفضله على متبعي طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فهو ضال مبتدع ، مخطئ في اعتقاده . فإن ذاك الأبله ، إما أن يكون شيطانا زنديقا ، أو زوكاريا متحيلا ، أو مجنونا معذورا ! فكيف يفضل على من هو من أولياء الله ، المتبعين لرسوله ؟ ! أو يساوى به ؟ ! ولا يقال : يمكن أن يكون هذا متبعا في الباطن وإن كان تاركا للاتباع في الظاهر ؟ فإن هذا خطأ أيضا ، بل الواجب متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم ظاهرا وباطنا . قال : قلت يونس بن عبد الأعلى الصدفي : إن صاحبنا للشافعي الليث كان يقول : إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء فلا تعتبروا به حتى تعرضوا أمره على الكتاب والسنة ؟ فقال : قصر الشافعي الليث رحمه الله ، بل إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء ، ويطير في الهواء ، فلا تعتبروا به حتى تعرضوا أمره على الكتاب والسنة .
وأما ما يقوله بعض الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " اطلعت [ ص: 770 ] على الجنة فرأيت أكثر أهلها البله " فهذا لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا ينبغي نسبته إليه ، فإن الجنة إنما خلقت لأولي الألباب ، الذين أرشدتهم عقولهم وألبابهم إلى الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر . وقد ذكر الله أهل الجنة بأوصافهم في كتابه ، فلم يذكر في أوصافهم البله ، الذي هو ضعف العقل ، وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم : اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء . ولم يقل البله !
[ ص: 771 ] والطائفة الملامية ، وهم الذين يفعلون ما يلامون عليه ، ويقولون نحن متبعون في الباطن ، ويقصدون إخفاء المرائين ! ردوا باطلهم بباطل آخر ! ! والصراط المستقيم بين ذلك .