الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقد أدخل المتكلمون في أسماء الله تعالى القديم ، وليس هو من الأسماء الحسنى ، فإن القديم في لغة العرب التي نزل بها القرآن : هو المتقدم على غيره ، فيقال : هذا قديم ، للعتيق ، وهذا حديث ، للجديد . ولم يستعملوا هذا الاسم إلا في المتقدم على غيره ، لا فيما لم يسبقه عدم ، كما قال تعالى : حتى عاد كالعرجون القديم ( يس : 39 ) . والعرجون القديم : الذي يبقى إلى حين وجود العرجون الثاني ، فإذا وجد الجديد قيل للأول : قديم ، وقال تعالى : وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم ( الأحقاف : 11 ) ، أي متقدم في الزمان . وقال تعالى : أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون ( الشعراء : 75 - 76 ) . فالأقدم مبالغة في القديم ، ومنه : القول القديم والجديد للشافعي رحمه الله تعالى . وقال تعالى : يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار ( هود : 98 ) ، أي يتقدمهم . ويستعمل منه الفعل لازما ومتعديا ، كما يقال : أخذني ما قدم وما حدث ، ويقال : هذا قدم هذا [ ص: 78 ] وهو يقدمه . ومنه سميت القدم قدما ، لأنها تقدم بقية بدن الإنسان وأما إدخال القديم في أسماء الله تعالى ، فهو مشهور عند أكثر أهل الكلام . وقد أنكر ذلك كثير من السلف والخلف ، منهم ابن حزم .

ولا ريب أنه إذا كان مستعملا في نفس التقدم ، فإن ما تقدم على الحوادث كلها فهو أحق بالتقدم من غيره . لكن أسماء الله تعالى هي الأسماء الحسنى التي تدل على خصوص ما يمدح به ، والتقدم في اللغة مطلق لا يختص بالتقدم على الحوادث كلها ، فلا يكون من الأسماء الحسنى . وجاء الشرع باسمه الأول . وهو أحسن من القديم ، لأنه يشعر بأن ما بعده آيل إليه وتابع له ، بخلاف القديم . والله تعالى له الأسماء الحسنى لا الحسنة .

قوله : ( يفنى ويبيد ) .

ش : إقرار بدوام بقائه سبحانه وتعالى ، قال عز من قائل : كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ( الرحمن : 26 - 27 ) . والفناء والبيد متقاربان في المعنى ، والجمع بينهما في الذكر للتأكيد ، وهو أيضا مقرر ومؤكد لقوله : دائم بلا انتهاء .

التالي السابق


الخدمات العلمية