ومما ينبغي أن يعلم أن
nindex.php?page=treesubj&link=20008من رجا شيئا استلزم رجاؤه أمورا :
[ ص: 450 ] أحدها : محبة ما يرجوه .
الثاني : خوفه من فواته .
الثالث : سعيه في تحصيله بحسب الإمكان .
وأما رجاء لا يقارنه شيء من ذلك ، فهو من باب الأماني ، والرجاء شيء والأماني شيء آخر . فكل راج خائف ، والسائر على الطريق إذا خاف أسرع السير ، مخافة الفوات .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء [ النساء : 48 و 116 ] .
nindex.php?page=treesubj&link=30558_30532فالمشرك لا ترجى له المغفرة ، لأن الله نفى عنه المغفرة ، وما سواه من الذنوب في مشيئة الله ، إن شاء الله غفر له ، وإن شاء عذبه .
وفي معجم
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني : عند الله يوم القيامة ثلاثة دواوين : ديوان لا يغفر الله منه شيئا ، وهو الشرك بالله ، ثم قرأ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إن الله لا يغفر أن يشرك به [ النساء : 48 و 116 ] . وديوان لا يترك الله منه شيئا ، وهو مظالم العباد بعضهم بعضا . وديوان لا يعبأ الله به ، وهو ظلم العبد نفسه بينه وبين ربه .
وقد اختلفت عبارات العلماء في
nindex.php?page=treesubj&link=27522الفرق بين الكبائر والصغائر ، وستأتي الإشارة إلى ذلك عند قول الشيخ رحمه الله : وأهل الكبائر من أمة
محمد في النار لا يخلدون .
[ ص: 451 ] ولكن ثم أمر ينبغي التفطن له ، وهو : أن الكبيرة قد يقترن بها من الحياء والخوف والاستعظام لها ما يلحقها بالصغائر ، وقد يقترن بالصغيرة من قلة الحياء وعدم المبالاة وترك الخوف والاستهانة بها ما يلحقها بالكبائر . وهذا أمر مرجعه إلى ما يقوم بالقلب ، وهو قدر زائد على مجرد الفعل ، والإنسان يعرف ذلك من نفسه وغيره .
وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=20008مَنْ رَجَا شَيْئًا اسْتَلْزَمَ رَجَاؤُهُ أُمُورًا :
[ ص: 450 ] أَحَدُهَا : مَحَبَّةُ مَا يَرْجُوهُ .
الثَّانِي : خَوْفُهُ مِنْ فَوَاتِهِ .
الثَّالِثُ : سَعْيُهُ فِي تَحْصِيلِهِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ .
وَأَمَّا رَجَاءٌ لَا يُقَارِنُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ، فَهُوَ مِنْ بَابِ الْأَمَانِيِّ ، وَالرَّجَاءُ شَيْءٌ وَالْأَمَانِيُّ شَيْءٌ آخَرُ . فَكُلُّ رَاجٍ خَائِفٌ ، وَالسَّائِرُ عَلَى الطَّرِيقِ إِذَا خَافَ أَسْرَعَ السَّيْرَ ، مَخَافَةَ الْفَوَاتِ .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [ النِّسَاءِ : 48 و 116 ] .
nindex.php?page=treesubj&link=30558_30532فَالْمُشْرِكُ لَا تُرْجَى لَهُ الْمَغْفِرَةُ ، لِأَنَّ اللَّهَ نَفَى عَنْهُ الْمَغْفِرَةَ ، وَمَا سِوَاهُ مِنَ الذُّنُوبِ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ غَفَرَ لَهُ ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ .
وَفِي مُعْجَمِ
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطَّبَرَانِيِّ : عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلَاثَةُ دَوَاوِينَ : دِيوَانٌ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ مِنْهُ شَيْئًا ، وَهُوَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ ، ثُمَّ قَرَأَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [ النِّسَاءِ : 48 و 116 ] . وَدِيوَانٌ لَا يَتْرُكُ اللَّهُ مِنْهُ شَيْئًا ، وَهُوَ مَظَالِمُ الْعِبَادِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا . وَدِيوَانٌ لَا يَعْبَأُ اللَّهُ بِهِ ، وَهُوَ ظُلْمُ الْعَبْدِ نَفْسَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ .
وَقَدِ اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ الْعُلَمَاءِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=27522الْفَرْقِ بَيْنَ الْكَبَائِرِ وَالصَّغَائِرِ ، وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إِلَى ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِ الشَّيْخِ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَأَهْلُ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّةِ
مُحَمَّدٍ فِي النَّارِ لَا يُخَلَّدُونَ .
[ ص: 451 ] وَلَكِنْ ثَمَّ أَمْرٌ يَنْبَغِي التَّفَطُّنُ لَهُ ، وَهُوَ : أَنَّ الْكَبِيرَةَ قَدْ يَقْتَرِنُ بِهَا مِنَ الْحَيَاءِ وَالْخَوْفِ وَالِاسْتِعْظَامِ لَهَا مَا يُلْحِقُهَا بِالصَّغَائِرِ ، وَقَدْ يَقْتَرِنُ بِالصَّغِيرَةِ مِنْ قِلَّةِ الْحَيَاءِ وَعَدَمِ الْمُبَالَاةِ وَتَرْكِ الْخَوْفِ وَالِاسْتِهَانَةِ بِهَا مَا يُلْحِقُهَا بِالْكَبَائِرِ . وَهَذَا أَمْرٌ مَرْجِعُهُ إِلَى مَا يَقُومُ بِالْقَلْبِ ، وَهُوَ قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى مُجَرَّدِ الْفِعْلِ ، وَالْإِنْسَانُ يَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ .