وأما ، ومن المعلوم أنه لا موجود إلا الخالق والمخلوق ، فإذا أريد بالجهة أمر موجود غير الله تعالى كان مخلوقا ، والله تعالى لا يحصره شيء ، ولا يحيط به شيء من المخلوقات ، تعالى الله عن ذلك . وإن أريد بالجهة أمر عدمي ، وهو ما فوق العالم ، فليس هناك إلا الله وحده . فإذا قيل : أنه في جهة بهذا الاعتبار ، فهو صحيح ، ومعناه : أنه فوق العالم حيث انتهت المخلوقات فهو فوق الجميع ، عال عليه . لفظ الجهة ، فقد يراد به ما هو موجود ، وقد يراد به ما هو معدوم
ونفاة لفظ الجهة الذين يريدون بذلك نفي العلو ، يذكرون من أدلتهم : أن الجهات كلها مخلوقة ، وأنه كان قبل الجهات ، وأن من قال : [ ص: 267 ] إنه في جهة يلزمه القول بقدم شيء من العالم ، أو أنه كان مستغنيا عن الجهة ثم صار فيها . وهذه الألفاظ ونحوها إنما تدل على أنه ليس في شيء من المخلوقات ، سواء سمي جهة أو لم يسم ، وهذا حق . ولكن الجهة ليست أمرا وجوديا ، بل أمر اعتباري ، ولا شك أن الجهات لا نهاية لها ، وما لا يوجد فيما لا نهاية له فليس بموجود .