ولا شك أن
nindex.php?page=treesubj&link=28750من لم يسلم للرسول نقص توحيده ، فإنه يقول برأيه وهواه ، أو
nindex.php?page=treesubj&link=20363يقلد ذا رأي وهوى بغير هدى من الله ، فينقص من توحيده بقدر خروجه عما جاء به الرسول ، فإنه قد اتخذه في ذلك إلها غير الله .
[ ص: 235 ] قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=23أفرأيت من اتخذ إلهه هواه ( الجاثية : 23 ) . أي : عبد ما تهواه نفسه . وإنما دخل الفساد في العالم من ثلاث فرق ، كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك رحمة الله عليه :
رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يورث الذل إدمانها وترك الذنوب حياة القلوب
وخير لنفسك عصيانها وهل أفسد الدين إلا الملوك
وأحبار سوء ورهبانها
. فالملوك الجائرة يعترضون على الشريعة بالسياسات الجائرة ، ويعارضونها بها ، ويقدمونها على حكم الله ورسوله . وأحبار السوء ، وهم العلماء الخارجون عن الشريعة بآرائهم وأقيستهم الفاسدة ، المتضمنة تحليل ما حرم الله ورسوله ، وتحريم ما أباحه ، واعتبار ما ألغاه ، وإلغاء ما اعتبره ، وإطلاق ما قيده ، وتقييد ما أطلقه ، ونحو ذلك . والرهبان وهم جهال المتصوفة ، المعترضون على حقائق الإيمان والشرع ، بالأذواق والمواجيد والخيالات والكشوفات الباطلة الشيطانية ، المتضمنة شرع دين لم يأذن به الله ، وإبطال دينه الذي شرعه على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ، والتعوض عن حقائق الإيمان بخدع الشيطان وحظوظ النفس . فقال الأولون : إذا تعارضت السياسة والشرع قدمنا السياسة ! وقال
[ ص: 236 ] الآخرون : إذا تعارض العقل والنقل قدمنا العقل ! وقال أصحاب الذوق : إذا تعارض الذوق والكشف ، وظاهر الشرع قدمنا الذوق والكشف .
وَلَا شَكَّ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28750مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ لِلرَّسُولِ نَقَصَ تَوْحِيدُهُ ، فَإِنَّهُ يَقُولُ بِرَأْيِهِ وَهَوَاهُ ، أَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=20363يُقَلِّدُ ذَا رَأْيٍ وَهَوًى بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ، فَيَنْقُصُ مِنْ تَوْحِيدِهِ بِقَدْرِ خُرُوجِهِ عَمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ ، فَإِنَّهُ قَدِ اتَّخَذَهُ فِي ذَلِكَ إِلَهًا غَيْرَ اللَّهِ .
[ ص: 235 ] قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=23أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ( الْجَاثِيَةِ : 23 ) . أَيْ : عَبَدَ مَا تَهْوَاهُ نَفْسُهُ . وَإِنَّمَا دَخَلَ الْفَسَادُ فِي الْعَالَمِ مِنْ ثَلَاثِ فِرَقٍ ، كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16418عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ :
رَأَيْتُ الذُّنُوبَ تُمِيتُ الْقُلُوبَ وَقَدْ يُورِثُ الذُّلَّ إِدْمَانُهَا وَتَرْكُ الذُّنُوبِ حَيَاةُ الْقُلُوبِ
وَخَيْرٌ لِنَفْسِكَ عِصْيَانُهَا وَهَلْ أَفْسَدَ الدِّينَ إِلَّا الْمُلُوكُ
وَأَحْبَارُ سُوءٍ وَرُهْبَانُهَا
. فَالْمُلُوكُ الْجَائِرَةُ يَعْتَرِضُونَ عَلَى الشَّرِيعَةِ بِالسِّيَاسَاتِ الْجَائِرَةِ ، وَيُعَارِضُونَهَا بِهَا ، وَيُقَدِّمُونَهَا عَلَى حُكْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ . وَأَحْبَارُ السُّوءِ ، وَهُمُ الْعُلَمَاءُ الْخَارِجُونَ عَنِ الشَّرِيعَةِ بِآرَائِهِمْ وَأَقْيِسَتِهِمُ الْفَاسِدَةِ ، الْمُتَضَمِّنَةِ تَحْلِيلَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ، وَتَحْرِيمَ مَا أَبَاحَهُ ، وَاعْتِبَارَ مَا أَلْغَاهُ ، وَإِلْغَاءَ مَا اعْتَبَرَهُ ، وَإِطْلَاقَ مَا قَيَّدَهُ ، وَتَقْيِيدَ مَا أَطْلَقَهُ ، وَنَحْوُ ذَلِكَ . وَالرُّهْبَانُ وَهُمْ جُهَّالُ الْمُتَصَوِّفَةِ ، الْمُعْتَرِضُونَ عَلَى حَقَائِقِ الْإِيمَانِ وَالشَّرْعِ ، بِالْأَذْوَاقِ وَالْمَوَاجِيدِ وَالْخَيَالَاتِ وَالْكُشُوفَاتِ الْبَاطِلَةِ الشَّيْطَانِيَّةِ ، الْمُتَضَمِّنَةِ شَرْعَ دِينٍ لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ، وَإِبْطَالَ دِينِهِ الَّذِي شَرَعَهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالتَّعَوُّضَ عَنْ حَقَائِقِ الْإِيمَانِ بِخُدَعِ الشَّيْطَانِ وَحُظُوظِ النَّفْسِ . فَقَالَ الْأَوَّلُونَ : إِذَا تَعَارَضَتِ السِّيَاسَةُ وَالشَّرْعُ قَدَّمْنَا السِّيَاسَةَ ! وَقَالَ
[ ص: 236 ] الْآخَرُونَ : إِذَا تَعَارَضَ الْعَقْلُ وَالنَّقْلُ قَدَّمْنَا الْعَقْلَ ! وَقَالَ أَصْحَابُ الذَّوْقِ : إِذَا تَعَارَضَ الذَّوْقُ وَالْكَشْفُ ، وَظَاهِرُ الشَّرْعِ قَدَّمْنَا الذَّوْقَ وَالْكَشْفَ .