70 - وذلك أن النبي، صلى الله عليه وسلم، مر برجل يضرب ابنه أو عبده في وجهه لطما، ويقول: قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: آدم على صورته" "إذا ضرب أحدكم عبده فليتق الوجه فإن الله خلق يعني المضروب. [ ص: 84 ]
قيل: هذا غلط لوجهين: أحدهما: أن هذا يسقط فائدة التخصيص بآدم لأن آدم وغيره من الأنبياء والبشر مخلوقون على صورة المضروب بمعنى أن له وجها [ ص: 85 ] وما أسقط فائدة التخصيص سقط في نفسه.
والثاني: أن في اللفظ "خلق آدم على صورة الرحمن".
فإن قيل: إنما خص آدم بالذكر، لأنه هو الذي ابتديت خلقة وجهه على الحد الذي يحتذى عليها من بعده، كأنه على وجهه المبالغة في الردع له عن ذلك، قيل: لو كان القصد المبالغة لقال: فإن الله خلق محمدا على صورته لأنه أفضل من آدم، فلما خص آدم بالذكر دل على أنه لمعنى فيه.
وجواب آخر: وهو أنه قد روي في لفظ آخر: "على صورة الرحمن وعلى صورة نفسه"، وهذا يمنع حمله على المضروب فوجب أن يقضى بالمقيد عليه.
فإن قيل: الهاء ترجع على آدم ويكون رجوعها عليه لوجوه، أحدها: أن يعرفنا أنه خلق في الجنة على الصورة التي كان عليها في الدنيا لم يغير الله خلقته، ويكون فائدة ذلك تعريفنا الفرق بينه وبين سائر من أخرجه من الجنة معه من الحية والطاووس، فإنه عاقب الحية وشوه خلقها وسلبها قوائمها وجعل أكلها التراب وشوه رجلي الطاووس، ولم يشوه خلقة آدم; بل أبقى له حسن الصورة فعرفنا بذلك أنه كان في الجنة على الصورة التي هو عليها، [ ص: 86 ] قيل: هذا لا يصح لوجوه، أحدها: أنه روي ما دل على تغير خلقه عن الصفة التي كانت عليها.