فصل في الدلالة على أنه لا يجوز الاشتغال بتأويلها وتفسيرها
من وجوه أحدها: أن بلغة العرب بدليل قوله تعالى: ( آي الكتاب قسمان: أحدهما محكم تأويله تنزيله يفهم المراد منه بظاهره. وقسم هو متشابه لا يعلم تأويله إلا الله ولا يوقف على معناه وما يعلم تأويله إلا الله ) وقوله: ( والراسخون في العلم يقولون آمنا به ) فالواو ههنا للاستئناف وليست عاطفة.
كذلك أخبار الرسول، صلى الله عليه وسلم، جارية هذا المجرى ومنزلة على هذا التنزيل منها البين المستقل في بيانه بنفسه، ومنها ما لا يوقف على معناه بلغة العرب.
فإن قيل من أصحابنا من قال: لا متشابه في القرآن إلا والراسخون في العلم يعلمون تأويله، والواو ههنا للعطف على قوله: ( إلا الله ) وقد ذكر هذا ابن قتيبة في كتابه المسمى بـ"المشكل"، فسقط هذا الدليل. [ ص: 60 ] قيل: هذا قول يخالف إجماع الصحابة.