فصل:
ولما علم العقلاء حذروا من أشياء ظاهرها الكرامة وخافوا أن تكون من تلبيسه روينا بإسناد عن شدة تلبيس إبليس أبي الطيب يقول سمعت زهرون يقول كلمني الطير وذاك أني كنت في البادية فتهت فرأيت [ ص: 370 ] طائرا أبيض فقال لي يا زهرون أنت تائه فقلت: يا شيطان غر غيري فقال لي أنت تائه فقلت: يا شيطان غر غيري فوثب في الثالثة وصار على كتفي وقال ما أنا بشيطان أنت تائه أرسلت إليك ثم غاب عني وبإسناد عن قال حدثني محمد بن عبد الله القرشي محمد بن يحيى بن عمرو قال حدثتني زلفى قالت قلت: لرابعة العدوية يا عمة لم لا تأذنين للناس يدخلون عليك قالت وما أرجو من الناس إن أتوني حكوا عني ما لم أفعل قال القرشي وزادني غير أنها قالت يبلغني أنهم يقولون إني أجد الدراهم تحت مصلاي ويطبخ لي القدر بغير نار ولو رأيت مثل هذا فزعت منه قالت فقلت: لها إن الناس يكثرون فيك القول يقولون إن أبي حاتم رابعة تصيب في منزلها الطعام والشراب فهل تجدين شيئا فيه قالت يا ابنة أخي لو وجدت في منزلي شيئا ما مسسته ولا وضعت يدي عليه قال القرشي وحدثني قال قال محمد بن إدريس وحدثتني محمد بن عمرو زلفى عن رابعة أنها أصبحت يوما صائمة في يوم بارد قالت فنازعتني نفسي إلى شيء من الطعام السخن أفطر عليه وكان عندي شحم فقلت: لو كان عندي بصل أو كراث عالجته فإذا عصفور قد جاء فسقط على المثقب في منقاره بصلة فلما رأيته أضربت عما أردت وخفت أن يكون من الشيطان وبالإسناد عن قال كانوا يرون محمد بن يزيد لوهيب أنه من أهل الجنة فإذا أخبر بها اشتد بكاؤه وقال قد خشيت أن يكون هذا من الشيطان وبالإسناد عن أبي عثمان النيسابوري يقول خرجنا جماعة مع أستاذنا أبي حفص النيسابوري إلى خارج نيسابور فجلسنا فتكلم الشيخ علينا فطابت أنفسنا ثم بصرنا فإذا بأيل قد نزل من الجبل حتى برك بين يدي الشيخ فأبكاه ذلك بكاء شديدا فلما سكن سألناه فقلت: يا أستاذ تكلمت علينا فطابت قلوبنا فلما جاء هذا الوحش وبرك بين يديك أزعجك وأبكاك فقال نعم رأيت اجتماعكم حولي وقد طابت قلوبكم فوقع في قلبي لو أن شاة ذبحتها ودعوتكم عليها فما تحكم هذا الخاطر حتى جاء هذا الوحش فبرك بين يدي فخيل لي أني مثل فرعون الذي سأل ربه أن يجري له النيل فأجراه قلت: فما يؤمنني أن يكون الله تعالى يعطيني كل حظ لي في الدنيا وأبقى في الآخرة فقيرا لا شيء لي فهذا الذي أزعجني.