فصل: قال ومن تلبيس إبليس على قوم من الزهاد الذي دخل عليهم فيه من قلة العلم أنهم يعملون بواقعاتهم ولا يلتفتون إلى قول الفقيه كان ابن عقيل: أبو إسحاق الخراز صالحا وهو أول من لقنني كتاب الله، وكان من عادته الإمساك عن الكلام في شهر رمضان فكان يخاطب بآي القرآن فيما يعرض إليه من الحوائج فيقول في أذنه: ( ادخلوا عليهم الباب ) ويقول لابنه في عشية الصوم ( من بقلها وقثائها ) آمرا له أن يشتري البقل فقلت له: هذا الذي تعتقده عبادة هو معصية فصعب عليه فقلت: إن هذا القرآن العزيز أنزل في بيان أحكام شرعية فلا يستعمل في أغراض دنيوية، وما هذا إلا بمثابة صرك السدر والأشنان في ورق المصحف أو توسدك له فهجرني ولم يصغ إلى الحجة.
قال المصنف: قلت: وقد يسمع الزاهد القليل العلم أشياء من العوام فيفتي به حدثني أبو حكيم إبراهيم بن دينار الفقيه أن رجلا استفتاه فقال ما تقول في امرأة طلقت ثلاثا فولدت ذكرا هل تحل لزوجها قال فقلت لا وكان عندي الشريف الدحالي وكان مشهورا بالزهد عظيم القدر بين العوام فقال لي بل تحل فقلت ما قال بهذا أحد فقال: والله لقد أفتيت بهذا من ههنا إلى البصرة.
قال المصنف: فانظر ما يصنع الجهل بأهله ويضاف إليه حفظ الجاه خوفا أن يرى الزاهد بعين الجهل. وقد لأنه لم يجمع شروط الفتوى فكيف لو رأوا تخبيط المتزهدين اليوم في الفتوى بالواقعات، وبالإسناد عن كان السلف ينكرون على الزاهد مع معرفته بكثير من العلم أن يفتي إسماعيل بن شبة قال دخلت [ ص: 153 ] على وقد قدم أحمد بن حنبل من أحمد بن حرب مكة فقال لي من هذا الخراساني الذي قد قدم؟ قلت من زهده كذا وكذا ومن ورعه كذا وكذا، فقال لا ينبغي لمن يدعي ما يدعيه أن يدخل نفسه في الفتيا. أحمد بن حنبل