الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            معلومات الكتاب

                                                            الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع

                                                            الخطيب البغدادي - أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت

                                                            صفحة جزء
                                                            839 - أخبرني علي بن أحمد الرزاز ، نا أبو بكر الشافعي ، إملاء ، من حفظه ، نا محمد بن يونس الكديمي ، نا عبدة بن عبد الرحيم المروزي ، قال : " كنت عند فضيل بن عياض - وعنده عبد الله بن المبارك - فقال : إن أهلك وعيالك قد أصبحوا مجهودين محتاجين إلى هذا المال ، فاتق الله وخذ من هؤلاء القوم - يعني الخلفاء - فزجره عبد الله بن المبارك ، ثم أنشأ يقول :


                                                            خذ من الجاودس والأرز والخبز الشعير     واجعلن ذاك حلالا
                                                            تنج من حر السعير     وأنا ما استطعت هداك
                                                            الله عن دار الأمير     لا تزرها واجتنبها
                                                            إنها شر مزور     توهن الدين وتدنيك
                                                            من الحوب الكبير     ولما تترك من دينك
                                                            في تلك الأمور [ ص: 365 ]

                                                                هو أجزأ لك من
                                                            مال وسلطان يسير     منه بالدون فأبصر
                                                            واذكرن يوم المصير     قبل أن تسقط يا مغرور
                                                            في حفرة بير     واطلب الرزق إلى ذي العرش
                                                            والرب الغفور     وارض يا ويحك من
                                                            دنياك بالقوت اليسير     إنها دار بلاء
                                                            وزوال وغرور     كم ترى قد صرعت
                                                            قبلك أصحاب القصور     وذوي الهيئة في المجلس
                                                            والجمع الكثير     أخرجوا كرها فما
                                                            كان لديهم من نكير     كم ببطن الأرض ثاو
                                                            من شريف ووزير     وصغير الشأن عبد
                                                            خامل الذكر حقير     لو تصفحت وجوه
                                                            القوم في يوم نضير     لم تميزهم ولم
                                                            تعرف غنيا من فقير     جمدوا فالقوم صرعى
                                                            تحت أسقاف الصخور     فاستووا عند مليك
                                                            بمساويهم خبير     فاحذر الصرعة يا
                                                            ويحك من دهر عثور     أين فرعون وهامان
                                                            ونمرود النسور     أو ما تخشاه أن
                                                            يرميك بالموت المبير     أو ما تحذر من
                                                            يوم عبوس قمطرير     اقمطر الشر فيه
                                                            بالعذاب الزمهرير



                                                            قال : فغشي على الفضيل فرده ولم يأخذه " .


                                                            قال أبو بكر : هكذا روى لي الرزاز هذا الخبر . والمعروف أن ابن المبارك كان من ذوي الأحوال والتجارات بصنوف الأموال ، وأن فضيلا كان من الفقراء وأحد المعدودين في الزهاد والأولياء ، وكان مع فقره وحاجته يتورع عن قبول مال السلطان وغيره . وأحسب الشافعي لم يضبط الحكاية ، ودخل عليه الوهم حتى رواها من حفظه .

                                                            التالي السابق


                                                            الخدمات العلمية