فإن قال قائل : إن هذه المطلقة قد كان هذا القاذف لها بهذا الولد زوجا لها فحكمه ولدها الذي كان يلزمه لو لم ينفه بحق النكاح المتقدم حكمه لو نفاه قبل زوال ذلك النكاح ، أن لا ترى أنه يلزمه ما جاءت به من ولد بعد زوال النكاح في المدة التي يلزمه فيها الولد ، وإن كان ذلك النكاح قد زال عنها ، فكذلك يكون له أن ينفي الولد عن نفسه وإن كان النكاح الذي به يثبت نسبه قد زال .
قيل له : أما ما جاءت به من ولد منه ، حكمه حكم ما قبل الطلاق ، فإنه يلزمه الولد الذي جاءت به ، لأنه محكوم له بحكم ولد كان من جماع من هذا المطلق ، محكوم له أن ذلك الطلاق وقع والولد في بطن أمه ، وفي ذلك تحقيق نسبه من هذا المطلق .
وأما إذا وضعته أمه ثم وقع الطلاق عليها من زوجها فأبانها منه ، وأزال نكاحه عنها ، ثم نفاه وقذفها به ، فإنما ذلك قذف مستأنف يوجب معنى مستأنفا ، وهما حينئذ غير زوجين ، فليسا ممن جعل الله عز وجل حكمه حكم اللعان ، وهما ممن جعل عز وجل حكمهما حكم الجلد فهذا القول أولى عندنا من الآخر .
[ ص: 435 ] ولو أن هذا الزوج الذي ذكرنا لم يطلق الطلاق الذي وصفنا ، ولكنه قذفها وهما زوجان على حالهما ، ثم ماتت المرأة قبل أن يتلاعنا ، فإنه روي عن في ذلك ما : ابن عباس
1999 - حدثنا ، قال حدثنا يحيى بن عثمان نعيم ، قال حدثنا غياث بن بشير ، عن حصيف ، عن ، عن عكرمة ، ابن عباس في الرجل يقذف امرأته ، ثم تموت المرأة قبل أن يتلاعنا ، قال : يوقف ، فإن أكذب نفسه جلد وورث ، وإن جاء بالشهود ورث ، وإن التعن لم يرث .
وهذا عندنا قياس قوله فيما حكاه ، وقياس قول جابر بن زيد ، أنه لا يلاعن ، وأنه يرث وهذا قول ابن عمر ، أبي حنيفة ، وأبي يوسف ومحمد .
وهذا اللعان الذي ذكرنا وجوبه من الزوجين ، فهو بعد أن يكون الزوجان حرين مسلمين بالغين غير محدودين ولا واحد منهما في قذف ، وبعد أن تكون المرأة توطأ وطئا يدرأ به الحد عن قاذفهما فأما إن كانا عبدين ، أو أحدهما ، أو كانا نصرانيين ، أو يهوديين ، أو مجوسيين ، أو أحدهما ، فإن أهل العلم قد اختلفوا في ذلك ، فقالت طائفة منهم : لا لعان بينهما ، ولا حد على الزوج في قذفه زوجته وممن قال ذلك ، أبو حنيفة ، وأبو يوسف ومحمد وقالت طائفة : إنهما يتلاعنان ، وإنهما في ذلك كالزوجين المسلمين اللذين ذكرنا وممن قال ذلك ، وكثير من أهل الشافعي المدينة .