836 - حدثنا الحسين بن عيسى ، أنا أنا ابن المبارك ، المستلم بن سعيد الواسطي ، ثنا حماد ، عن جعفر بن زيد ، أن أباه أخبره قال : خرجنا في غزوة إلى كابل ، وفي الجيش فنزل الناس عند العتمة ، فقلت : لأرمقن عمله ، وأنظر ما يذكر الناس من عبادته ، فصلوا العتمة ، ثم اضطجع ، فالتمس غفلة الناس ، حتى إذا قلت : هدأت العيون ، وثب ، فدخل غيصة قريبا منه ، ودخلت في إثره ، فتوضأ ، ثم قام يصلي ، فافتتح ، وجاء الأسد ، حتى دنا منه ، وصعدت في شجرة ، قال : فنراه التفت ، أو عده جرذا حتى سجد ، فقلت : [ ص: 833 ] الآن يفترسه فلا ينثني ، فجلس ، ثم سلم ، فقال : " أيها السبع ، اطلب الرزق من مكان آخر " ، فولى ، وإن له أزيزا ، أقول : تصدعت الجبال منه ، فما زال كذلك يصلي ، حتى لما كان عند الصبح جلس ، فحمد الله بمحامد ، لم أسمع بمثلها ، إلا ما شاء الله ، ثم قال : " اللهم إني أسألك أن تجيرني من النار ، أومثلي يجترئ أن يسألك الجنة ؟ ! " ، ثم رجع ، فأصبح كأنه بات على الحشايا ، وأصبحت وبي من الفترة ، ما الله به عليم ، فلما دنوا من أرض العدو ، وقال الأمير : لا يشذن أحد من العسكر ، فذهبت بغلته بثقلها ، فأخذ يصلي ، فقيل له : إن الناس قد ذهبوا ، قال : " دعوني أصلي ركعتين " ، قالوا : إن الناس قد ذهبوا ، قال : " إنما هما خفيفتان " ، قال : فدعا ، ثم قال : " إني أقسم عليك أن ترد علي بغلتي ، وثقلها " ، قال : فجاءت ، حتى قامت بين يديه ، قال : فلما لقيه العدو ، حمل هو صلة بن أشيم ، وهشام بن عامر ، فطعنا بهم طعنا ، وضربا ، وقتلا ، قال : فكسرا ذلك العدو ، وقالوا : رجلان من العرب صنعا هذا ، فكيف لو قاتلونا!! فأعطوا المسلمين حاجاتهم ، فقيل إن لأبي هريرة : هشام بن [ ص: 834 ] عامر - وكان يجالسه - ألقى بيده إلى التهلكة ، وأخبر بخبره ، فقال لا ، ولكنه التمس هذه الآية : ( أبو هريرة : ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد ) " .