518 - حدثني محمد بن عبدة ، ثنا أبو وهب محمد بن مزاحم ، ثنا بكير بن معروف ، عن في قوله : ( مقاتل بن حيان ، إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ) ، بلغنا أن الله - جل وعز - حين خلق خلقه ، جمع من خلقه من الجن والإنس ، والسماوات والأرض ، والجبال ، فبدأ بالسماوات ، فعرض عليهن الأمانة ، وهي الطاعة ، فقال لهن : أتحملن هذه الأمانة ، ويكن علي الفضل والكرامة ، والثواب في الجنة ؟ ! فقلن : يا رب! ، إنا لا نستطيع هذا الأمر ، وليست بنا قوة ، ولكنا لك مطيعين .
ثم عرض الأمانة على الأرضين ، فقال لهن : أتحملن هذه الأمانة وتقبلنها مني ، وأعطيك الفضل ، والكرامة في الجنة ؟ ! فقلن : لا صبر لنا على هذا يا رب ، ولا نطيقه ، ولكنا لك سامعين مطيعين ، ولا نعصيك في شيء تأمرنا به .
ثم قربت الجبال كلها ، فقلن لها مثل ذلك .
ثم قرب آدم ، فقال له : أتحمل هذه الأمانة ، وترعاها حق رعايتها ؟ ! فقال عند ذلك آدم : ما لي عندك ؟ ! قال : يا آدم ، إن أحسنت ، وأطعت ، ورعيت الأمانة ، فلك عندي الكرامة ، والفضل ، وحسن الثواب في الجنة ، وإن عصيت ، ولم ترعها حق رعايتها ، وأسأت فإني معذبك [ ص: 485 ] ومعاقبك ، وأنزلك النار ، فقال : قد رضيت رب ، وتحملتها ، فقال الله عند ذلك : قد حملتكها ، فذلك قول الله - عز وجل - : ( وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ) يقول : ظلوما لنفسه في خطيئته ، (جهولا) بعاقبة ما يحمل من الأمانة .
قوله : ( ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ) ، بما خانوا الأمانة ، وكذبوا الرسل ، ونقضوا العهد ، والميثاق الذي أخذ عليهم ، حين أخرجهم من صلب آدم .
ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات ) بأنهم أدوا الأمانة ، ولم يكذبوا الرسل ، ووفوا بالعهد والميثاق . (