الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                    معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                    إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة

                                                                                                                                                                    البوصيري - شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري

                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                    [ 6471 / 1 ] قال أبو بكر بن أبي شيبة : وثنا وكيع، عن الأعمش، عن المنهال، عن يعلى بن مرة الثقفي قال: "رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم عجبا خرجت معه في سفر فنزلنا منزلا، فأتته امرأة بابن لها به لمم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : اخرج عدو الله أنا رسول الله، فلما انصرفنا أهدت له كبشين وشيئا من أقط وسمن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا يعلى، خذ الأقط والسمن وأحد الكبشين، ورد عليها الآخر. ثم خرجنا حتى أتينا منزلا آخر فقال: يا يعلى، ائت تلك الإشايتين - يعني: الشجرتين - فقل لهما: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركما أن تجتمعا ففعلت ذلك، فدنت كل واحدة منهما إلى صاحبتها. قال: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 102 ] فاستشرفهما فقضى حاجته، ثم قال: ارجع إليهما فقل لهما يرجعان إلى مكانهما. قال: فقلت ففعلتا قال: ثم خرجنا حتى أتينا منزلا، فجاء بعير حتى قام بين يديه فقال: من أصحاب هذا البعير؟ قال: فجاءه أصحابه فقالوا: نحن يا رسول الله. فقال: ما لكم وله؟ قالوا: كنا نعتمل عليه فاتعدنا أن ننحره. فقال: دعوه".

                                                                                                                                                                    وذكره وكيع مرة أخرى فقال: ثنا الأعمش، عن المنهال، عن يعلى بن مرة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                    [ 6471 / 2 ] قال: وثنا عبد الله بن نمير، ثنا عثمان بن حكيم، أخبرني عبد الرحمن بن عبد العزيز، عن يعلى بن مرة قال: "لقد رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا ما رآها أحد قبلي، ولا يراها أحد بعدي، لقد خرجت معه في سفر حتى إذا كنا في بعض الطريق، مررنا بامرأة جالسة معها صبي لها فقالت: يا نبي الله، ابني هذا أصابه بلاء فأصابنا منه بلاء يؤخذ في اليوم لا أدري كم مرة. قال: ناولنيه. فرفعته إليه، فجعله بينه وبين واسطة الرحل، ثم فغر فاه فنفث فيه ثلاثا: بسم الله، أنا عبد الله، اخسأ عدو الله. ثم ناولها إياه، قال: ثم ألقينا به في الرجعة في هذا المكان وأخبرينا ما فعل. قال: فذهبنا ورجعنا فوجدناها في ذلك المكان معها شياه ثلاث فقال: ما فعل صبيك؟ قالت: والذي بعثك بالحق ما حسسنا منه شيئا حتى الساعة (فاختر) هذه الغنم. قال: انزل فخذ منها واحدة واردد البقية. قال: وخرجنا معه ذات يوم إلى الجبانة، فلما برزنا قال: انظر ويحك هل ترى من شيء يواري؟ فقلت: يا رسول الله، ما أرى من شيء يواريك إلا شجرة، ما أراها تواريك. قال: ما قربها شيء؟ قال: قلت: بل شجرة خلفها هي مثلها أو قريب منها. قال: فاذهب إليهما فقل لهما: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركما أن تجتمعا بإذن الله. فاجتمعتا فبرز لحاجته، ثم رجع فقال: اذهب إليهما فقل لهما: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركما أن ترجع كل واحدة منكما إلى مكانها. قال: وكنت جالسا معه ذات يوم إذ جاء جمل حتى ضرب بجرانه بين يديه، ثم ذرفت عيناه فقال: انظر ويحك لمن هذا الجمل؟ إن له شأنا قال: فخرجت ألتمس صاحبه، فوجدته لرجل من الأنصار فدعوته إليه فقال: ما شأن جملك هذا؟! قال: [ ص: 103 ]

                                                                                                                                                                    وما شأنه؟ قال: لا أدري والله ما شأنه، سقينا عليه، ونضحنا عليه حتى عجز عن السقاية؛ فاتعدنا البارحة أن ننحره، ونقسم لحمه. قال: فلا تفعل، وهبه لي أو بعنيه. قال: هو لك. فوسمه بسمة الصدقة وبعث به".


                                                                                                                                                                    [ 6471 / 3 ] رواه أحمد بن منيع : ثنا حسين بن محمد بن محمد، ثنا المسعودي، عن يونس بن خباب، عن ابن يعلى بن مرة، عن يعلى بن مرة... فذكره بمعناه، وزاد: "ما أرى شيئا يواريك إلا شجرتين؛ لعلهما إن اجتمعتا توارياك" وقال في آخره: "فلما أتيا المدينة إذا بعير قد وضع جرانه مهملات عينيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم إنه يخبرني أنه نضح على أهله كذا وكذا، ثم أرادوا أن ينحروه. فالتمسوا صاحبه، فلما جاء صاحبه قال: بعني بعيرك. هذا قال: هو لك. قال: فاجعله في إبلك وأحسن إليه".

                                                                                                                                                                    [ 6471 / 4 ] ورواه عبد بن حميد : أبنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن عطاء بن السائب، عن عبد الله بن حفص، عن يعلى بن مرة الثقفي قال: ثلاثة أشياء رأيتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم بينا نحن نسير معه إذ مررنا ببعير يسنى عليه. قال: فلما رآه البعير جرجر ووضع جرانه، فوقف عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أين صاحب هذا البعير؟ فجاء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعنيه. قال: لا، بل أهبه لك. قال: بل بعنيه. قال: لا، بل أهبه لك؛ فإنه لأهل بيت ما لهم معيشة غيره. قال: أما إذ ذكرت هذا من أمره فإنه شكا كثرة العمل وقلة العلف، فأحسنوا إليه. قال: ثم سرنا فنزلنا منزلا فقام النبي صلى الله عليه وسلم فجاءت شجرة تشق الأرض حتى غشيته، ثم رجعت إلى مكانها، فلما استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم قال: هي شجرة استأذنت ربها في أن تسلم علي فأذن لها. قال: ثم سرنا فمررنا بماء فأتته امرأة بابن لها به جنة، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بمنخره، ثم قال: اخرج، إني محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سرنا، فلما رجعنا من سفرنا مررنا بذلك الماء فأتته المرأة بجزور ولبن، فأمرها أن ترد الجزور، وأمر أصحابه فشربوا اللبن فسألها عن الصبي؟ فقالت: والذي بعثك بالحق نبيا ما رأينا منه ريبا بعدك".

                                                                                                                                                                    [ 6471 / 5 ] ورواه أبو يعلى الموصلي : ثنا أبو خيثمة، ثنا وكيع، ثنا الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن يعلى بن مرة، عن أبيه: "أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بابن لها به لمم فقال النبي صلى الله عليه وسلم للصبي: اخرج عدو الله أنا رسول الله، فبرأ فأهدت له كبشين وشيئا من أقط وسمن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : خذ الأقط والسمن وخذ أحد الكبشين، ورد عليها الآخر". [ ص: 104 ]

                                                                                                                                                                    [ 6471 / 6 ] ورواه ابن حنبل: ثنا عبد الله بن نمير... فذكره.

                                                                                                                                                                    [ 6471 / 7 ] قال: وثنا عبد الرزاق... فذكره.

                                                                                                                                                                    [ 6471 / 8 ] قال: وثنا وكيع، ثنا الأعمش... فذكره.

                                                                                                                                                                    [ 6471 / 9 ] قال: وثنا أسود بن عامر، ثنا أبو بكر بن عياش، عن حبيب بن أبي عمرة، عن المنهال بن عمرو، عن يعلى قال: "ما أظن أحدا رأى من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا دون ما رأيت..." فذكر قصة الصبي والنخلتين والبعير إلا أنه قال فيه: "أنه قال لصاحب البعير: ما لبعيرك يشكوك، زعم أنك سنأته حتى كبر تريد أن تنحره. قال: صدق والذي بعثك بالحق قد أردت ذلك، والذي بعثك بالحق لا أفعل".

                                                                                                                                                                    [ 6471 / 10 ] قال: وثنا أبو سلمة الخزاعي، ثنا حماد بن سلمة ، عن عاصم بن بهدلة، عن يعلى بن سيابة قال: "كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير له، فأراد أن يقضي حاجته، فأمر وديتين فانضمت إحداهما إلى الأخرى، ثم أمرهما فرجعتا إلى منابتهما، وجاء بعير فضرب بجرانه الأرض، ثم جرجر حتى ابتل ما حوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تدرون ما يقول؟ إنه يزعم أن صاحبه يريد نحره، فبعث إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أواهبه أنت لي؟ فقال: يا رسول الله، ما لي مال أحب إلي منه. قال: استوص به معروفا. فقال: لا جرم لا أكرم مالا لي كرامته يا رسول الله. وأتى على قبر يعذب صاحبه فقال: إنه يعذب في غير كبير. فأمر بجريدة فوضعت على قبره وقال: عسى أن تخفف عنه ما دامت رطبة".

                                                                                                                                                                    [ 6471 / 11 ] ورواه الحاكم أبو عبد الله الحافظ في كتاب المستدرك: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أحمد بن عبد الجبار، ثنا يونس بن بكير، ثنا الأعمش... فذكره.

                                                                                                                                                                    وقال: صحيح الإسناد. [ ص: 105 ]

                                                                                                                                                                    ورواه البيهقي في دلائل النبوة من طريق يونس بن بكير به.

                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية