[ ص: 260 ] القسم الخامس : أن يكون لو لم يقدر كونه علة لذلك الحكم المطلوب لم يكن له تعلق بالكلام لا بأوله ولا بآخره ، فإنه يعد خبطا في اللغة واضطرابا في الكلام ، وذلك مما تبعد نسبته إلى الشارع ، وذلك كقوله تعالى : ( الشارع قد أنشأ الكلام لبيان مقصود وتحقيق مطلوب ثم يذكر في أثنائه شيئا آخر ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ) .
فالآية إنما سيقت لبيان أحكام الجمعة لا لبيان أحكام البيع ، فلو لم يعتقد كون النهي عن البيع علة للمنع عن السعي الواجب إلى الجمعة لما كان مرتبطا بأحكام الجمعة ، وما سيق له الكلام ولا تعلق به ، وذلك ممتنع لما سبق .
وقوله تعالى : ( وذروا البيع ) وإن كانت صيغته صيغة أمر إلا أنه في معنى النهي إذ النهي طلب ترك الفعل ، وقوله تعالى : ( وذروا البيع ) طلب لترك البيع فكان نهيا .