19 - قسمة الغنيمة في دار الحرب
17842 - أخبرنا أبو سعيد، وأبو عبد الله قالا: حدثنا أخبرنا أبو العباس، قال: قال الربيع رحمه الله بعد حكاية قول الشافعي أبي حنيفة، والأوزاعي ، وأبي يوسف في ذلك: القول ما قاله ، وما احتج به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم معروف عن أهل المغازي لا يختلفون فيه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم غير مغنم في بلاد الحرب" [ ص: 180 ] . الأوزاعي
17843 - فأما ما احتج به من أن النبي صلى الله عليه وسلم ظهر على أبو يوسف بني المصطلق فصارت دارهم دار إسلام، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أغار عليهم وهم غارون في نعمهم، فقتلهم وسباهم وقسم أموالهم وسبيهم في دارهم سنة خمس، وإنما أسلموا بعدها بزمان.
17844 - وإنما بعث إليهم الوليد بن عقبة مصدقا سنة عشر، وقد رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم ودارهم دار حرب.
17845 - وأما خيبر، فما علمته كان فيها مسلم واحد، وما صالح إلا اليهود وهم على دينهم أن ما حول خيبر كله دار حرب، وما علمت لرسول الله صلى الله عليه وسلم سرية قفلت من موضعها حتى تقسم ما ظهرت عليه.
17846 - وأما حديث مجالد، عن عن الشعبي، أنه قال: من جاءك منهم قبل أن تتفقأ القتلى فأسهم له، فهو إن لم يكن ثابتا داخل فيما عاب على عمر، ، فإنه عاب عليه أن يروي عن غير الثقات المعروفين، وما علمت الأوزاعي قال عن النبي صلى الله عليه وسلم من هذا إلا ما هو معروف. الأوزاعي
17847 - ولقد احتج على بحديث رجال وهو يرغب عن الرواية عنهم، فإن كان حديث الأوزاعي مجالد ثابتا فهو يخالفه، فذكر وجه مخالفته إياه كما مضى في مسألة المدد [ ص: 181 ] .
17848 - قال: وبلغني عنه أنه قال: وإن قسم ببلاد الحرب ثم جاء المدد قبل أن تتفقأ القتلى لم يكن للمدد شيء، وإن تفقأت القتلى وهم في بلاد الحرب لم يخرجوا وكذلك روي عن أبي بكر، وعمر.
17849 - فأما ما احتج به من أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقسم غنائم بدر حتى ورد المدينة، وما ثبت من الحديث بأن قال: والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أسهم لعثمان وطلحة، ولم يشهد بدرا، فإن كان كما قال فهو يخالف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه؛ لأنه يزعم أنه ليس للإمام أن يعطي أحدا لم يشهد الوقعة، ولم يكن مددا قدم على الذين شهدوا الوقعة ببلاد الحرب، وقد زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى هذين ولم يكونا مددا، ولم يشهدا الوقعة.
17850 - وليس كما قال: بدر بسير - شعب من شعاب الصفراء قريب من قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائم بدر - وكانت غنائم بدر كما يروي غنمها المسلمون قبل تنزل الآية في سورة الأنفال، فلما تشاحوا عليها انتزعها الله من أيديهم بقوله: ( عبادة بن الصامت يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم ) ، فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصة، وقسمها بينهم وأدخل معهم ثمانية نفر لم يشهدوا الوقعة من المهاجرين، والأنصار وهم بالمدينة، وإنما أعطاهم من ماله، وإنما أنزلت: ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ) بعد غنيمة بدر .
17851 - ولم نعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم لخلق لم يشهدوا الوقعة بعد نزول [ ص: 182 ] الآية، ومن أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم خالصا من المؤلفة قلوبهم وغيرهم، وإنما من ماله أعطاهم، لا من أربعة الأخماس.
17852 - وأما ما احتج به من وقعة عبد الله بن جحش، وابن الحضرمي، فذلك قبل بدر ، وقبل نزول الآية، وكان وقعتهم في آخر يوم من الشهر الحرام، فتوقفوا فيما صنعوا حتى نزلت: ( يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير ) ، وليس مما خالفه فيه بسبيل. الأوزاعي
17853 - قال وإنما قال هذا لأن أحمد: احتج بأن أبا يوسف عبد الله بن جحش حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فأصاب عمرو بن الحضرمي، وأصاب أسيرا أو اثنين، وأصاب ما كان معهم أدما وزبيبا، فقدم بذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقسمه حتى قدم المدينة.
17854 - فأجاب عنه بأنهم إنما لم يقسموه لأنهم كانوا متوقفين فيما صنعوا لوقوع قتالهم في الشهر الحرام، ثم إن ذلك كان قبل الشافعي بدر وقبل نزول الآية في قسمة الغنيمة.
17855 - وأما احتجاج على أبي يوسف بحديث رجال هو يرغب عن الرواية عنهم، فهو أنه احتج بحديث الأوزاعي الحسن بن عمارة، عن الحكم بن مقسم، عن ، أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقسم غنائم ابن عباس بدر إلا من بعد مقدمه المدينة، وعن بعض أشياخهم، عن الزهري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه لم يقسم غنيمة في دار الحرب قط [ ص: 183 ] . ومكحول،
17856 - وهذا منقطع، والحسن بن عمارة عند أهل العلم بالحديث متروك.
17857 - وأما ما قال في قسمة غنيمة الشافعي بدر ، فكذلك ذكره صاحب المغازي. محمد بن إسحاق بن يسار
17858 - وما ذكر من نزول الآية، فكذلك ذكره عبادة بن الصامت.
17859 - وما ذكر من إسهام النبي صلى الله عليه وسلم لثمانية لم يشهدوها، فيهم: عثمان بن عفان، وطلحة بن عبيد الله، وسعيد بن زيد، فهؤلاء من المهاجرين، وأما من الأنصار : فأبو لبابة، والحارث بن حاطب، وعاصم بن عدي، وخوات بن جبير، والحارث بن الصمة، سماهم في المغازي عن أبو الأسود وسماهم عروة بن الزبير، محمد بن إسحاق بن يسار.
17860 - وقال في موضع آخر: سبعة أو ثمانية، وإنما قال ذلك لأن الشافعي لم يذكر موسى بن عقبة الحارث بن حاطب.
17861 - وأما احتجاج بأن النبي صلى الله عليه وسلم افتتح بلاد أبي يوسف بني المصطلق فصارت بلادهم دار إسلام، وبعث الوليد بن عقبة يأخذ صدقاتهم، فهذا بخلاف ما يعرفه أهل العلم بالمغازي.
17862 - وقد روينا في الحديث الثابت، عن نافع، "أن النبي صلى الله عليه وسلم" أغار على ابن عمر، بني المصطلق وهم غارون وأنعامهم تسقى على الماء، فقتل مقاتلهم وسبى سبيهم " عن [ ص: 184 ] .
17863 - وفي حديث ثم في حديث عروة، عن موسى بن عقبة، أن ذلك كان سنة خمس. ابن شهاب،
17864 - وروينا في حديث أبي موسى الهمداني، عن الوليد بن عقبة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما افتتح مكة ، وذلك سنة ثمان،" جعل أهل مكة يأتونه بصبيانهم فيمسح رؤوسهم ويدعو لهم، وأنه جيء به إليه فلم يمسحه ".
17865 - فكيف يجوز أن يستدل ببعثة الوليد بن عقبة على أن بلادهم صارت دار إسلام حين قسم بها غنائمهم، والوليد كان صبيا بعده في سنة ثمان، وإنما بعثه إليهم مصدقا بعد ذلك بزمان طويل، كما قال رحمه الله؟. الشافعي
17866 - وقد ذكرنا أسانيد هذه الأحاديث في كتاب السنن.
[ ص: 185 ]