ذكر سقوط كفارات الأيمان عن المخطئ والناسي
8959 - حدثنا قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ، زهير ، قال: حدثنا ، قال: حدثنا وكيع سفيان، عن آدم بن سليمان - مولى خالد بن خالد - قال: سمعت ، عن سعيد بن جبير ، قال: ابن عباس وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ) دخل قلوبهم منها شيء لم يدخلهم من شيء، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "سمعنا وأطعنا وسلمنا" فألقى الله الإيمان في قلوبهم، قال: فأنزل الله: [ ص: 167 ] ( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه ) ، ( لا يكلف الله ) الآية إلى قوله: ( أو أخطأنا ) قال: قد فعلت ( ربنا ولا تحمل علينا إصرا ) قال: قد فعلت ( واعف عنا ) إلى قوله: ( فانصرنا على القوم الكافرين ) قال: قد فعلت. لما نزلت هذه الآية: (
8960 - حدثنا ، قال: حدثنا موسى بن هارون قال: حدثنا محمد بن المنهال الضرير، ، قال: حدثنا يزيد بن زريع ، عن روح بن القاسم عن أبيه، عن العلاء بن عبد الرحمن، ، قال: أبي هريرة لله ما في السماوات وما في الأرض ) قرأ إلى ( على كل شيء قدير ) أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فجثوا على الركب، وقالوا: لا نطيق لا نستطيع، كلفنا من العمل ما لا نطيق ولا نستطيع، فأنزل الله - عز وجل - : ( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله ) إلى ( وإليك المصير ) فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "لا تقولوا كما قال أهل الكتاب من قبلكم: سمعنا وعصينا، بل قولوا: سمعنا وأطعنا، غفرانك ربنا وإليك المصير" قال: فأنزل الله ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) قال: نعم ( ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ) قال: نعم ( ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين ) قال نعم. لما نزلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية: ( [ ص: 168 ]
8961 - حدثنا ، قال: حدثنا الربيع بن سليمان قال: حدثنا بشر بن [بكر ] ، عن الأوزاعي ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن عبيد بن عمير أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ابن عباس "إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه".
8962 - حدثنا زكريا بن داود ، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، قال: حدثنا عن محمد بن الفضيل، ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير في قول الله تعالى: ( ابن عباس ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) قال: لا أؤاخذكم ( ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ) قال: لا أحملكم ما لا طاقة لكم به ( واعف عنا واغفر لنا وارحمنا ) إلى قوله: ( الكافرين ) قال: قد عفوت عنكم، وغفرت لكم، ورحمتكم، ونصرتكم على القوم الكافرين.
واحتج بعضهم في بقوله - عز وجل - : ( إسقاط الحكم عن المخطئ والناسي وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم ) مع تغليظ الله - عز وجل - على رامي المحصنات، قال الله ( إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم ) وقد أعلم [ ص: 169 ] النبي - صلى الله عليه وسلم - أن وإذا كان الله في مثل هذا الأمر قد رفع الخطأ عن من نسب رجلا إلى غير أبيه، ولو كان عمد ذلك لكان راميا لأم المرمي فكان عليه الحد، ففيه أبين البيان على أن لا شيء على من أخطأ فنسب رجلا إلى غير أبيه؛ لقوله: ( قذف المحصنات من الكبائر، وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ) .
8963 - أخبرنا النجار، عن ، قال: أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر قتادة وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ) قال: لو دعوت رجلا لغير أبيه، وأنت ترى أنه أبوه لم يكن عليك بأس، قال: وسمع قال: ( عمر رجلا يقول: اللهم اغفر لي خطاياي، فقال: استغفر الله في العمد، فأما الخطأ فقد تجوز عنه.
8964 - حدثنا ، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل كثير بن هشام، قال: حدثنا جعفر بن برقان، قال: حدثنا ، عن يزيد بن الأصم ، قال: يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - : أبي هريرة "ما أخشى عليكم الخطأ ولكن أخشى عليكم العمد".
8965 - حدثنا يحيى بن محمد قال: حدثنا سهل بن بكار العبسي قال: حدثنا عن مهدي بن ميمون، واصل - مولى أبي عيينة - عن يحيى بن عقيل، قال: رفع إلي كتابا، قال: هذه خطبة يحيى بن يعمر ، كان يقوم فيخطب بها على أصحابه كل عشية خميس، منها: أيها الناس، إني والله ما أخاف عليكم الخطأ أن تؤخذوا به، وقد قال الله في [ ص: 170 ] بعض ما أنزل ( عبد الله بن مسعود [وليس عليكم] جناح فيما أخطأتم به ) .
قال : واحتجوا مع ذلك بإجماع أهل العلم على أبو بكر زينب ] يا زانية، يريد: يا زينب ، فسبقه لسانه إلى أن تكلم بالقذف أن الإثم مرفوع عنه، وثبت أن رجلا لو أراد أن يقول لزوجته [واسمها قال: "ما قصرت ولا نسيت" وفي ذلك دليل على أن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [حين] قال له ذو اليدين وقد سلم من الركعتين: أقصرت الصلاة أم نسيت؟ في القول عن المسلمين. المأثم في الخطأ مرفوع
وقوله فيمن أكل وشرب ساهيا في صومه: دليل بين على الفرق بين العامد والساهي؛ لأن من أكل عامدا في صوم شهر رمضان بغير عذر عاص آثم، وليس كذلك من أكل أو شرب ناسيا، ففي ذلك دليل على الفرق بينهما، ولما لم يجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - على معاوية بن الحكم الإعادة حيث قال وهم في الصلاة: "ما لكم تنظرون إلي؟!" دل على الفرق بين العامد والمخطئ في الكلام. "ليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه"
وقال بعضهم: ولما اختلفوا في وجوب الكفارة على الساهي والناسي، فأوجبت طائفة عليه الكفارة، وأسقطت عنه ذلك طائفة، لم يجز أن يوجب فرضا باختلاف، على أن فيما ذكرناه من دلائل الكتاب [ ص: 171 ] والسنة كفاية ومقنعا، ولا نعلم أحدا زعم أن الله نهى الناسي أن يفعل في حال نسيانه أمرا نهاه عنه، دل على أن فعل الناسي في أبواب الكفارات والطلاق والعتاق ساقط عنه، فأما أموال الناس إذا أتلفها متلف مخطئا أو ناسيا، فليس ذلك من سائر الأحكام بسبيل؛ لإجماعهم على وجوب ذلك، ولو اختلفوا فيه لكان سبيله كسبيل سائر ما ذكرناه، والله أعلم.
قال : وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب، فكان أبو بكر ، عطاء بن أبي رباح ، وعمرو بن دينار يقولون في الرجل يحلف بالطلاق على أمر لا يفعله، ففعله ناسيا: أن لا شيء عليه، وبه قال وابن أبي نجيح ، قال: أرجو أن لا يلزمه من ذلك شيء، وأوجبت طائفة عليه الحنث وألزمته ذلك، هذا قول إسحاق بن راهويه ، سعيد بن جبير ومجاهد ، ، ( والزهري ) وبه قال وقتادة ، ربيعة بن أبي عبد الرحمن ومالك وأصحاب الرأي، وكذلك قال أبو عبيد في الطلاق والعتق خاصة، وكان يقول في سائر الأيمان: لا حنث عليه.
والمشهور من قول عند أصحابه ما قاله الشافعي مالك والكوفي، وقال في كتاب "النذور والأيمان": ولو حلف لا يفارق غريمه حتى يستوفي حقه، فأخذ حقه [ ص: 172 ] ثم وجد دنانيره [زجاجا أو نحاسا] حنث في قول من لا يطرح عن الناس الخطأ والنسيان، ولا يحنث في قول من طرح عن الناس الخطأ، وكان الشافعي يحنث في النسيان في الطلاق، ويقف عن إيجاب الحنث في سائر الأيمان إذا كان ناسيا. أحمد بن حنبل