ذكر اختلاف أهل العلم في بيع المدبر والرجوع في التدبير
واختلفوا في : فرخصت طائفة لسيد المدبر أن يرجع في تدبيره ببيع أو غيره . بيع المدبر والرجوع في التدبير
فممن رأى أن : التدبير وصية يرجع فيها صاحبها متى شاء مجاهد وطاوس وأحمد والشافعي وإسحاق . وقال وأبو ثور أحمد مرة : أجبن عنه .
وقال : عمرو بن دينار ، فسألت دبر مملوكين له في [مرضه ثم] قال : أديا مائتي درهم وأنتما حران عطاء ومجاهدا وأبا الشعثاء وطاوسا ، فكلهم قال : الآخرة أحق من الأولى .
وكان يرى إذا احتاج الرجل في تدبيره . الحسن البصري
وباع مدبرا في دين صاحبه . عمر بن عبد العزيز
8763 - حدثنا ، قال : حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال : حدثنا أبو النعمان ، قال : حدثنا حماد بن زيد يحيى بن سعيد ، عن ابن عمرة ، عن [ ص: 572 ] أن عمرة دبرت جارية لها فسحرتها فاشتكت عائشة فقال [طبيب] عائشة بالمدينة : إنكم لتصفون صفة امرأة مسحورة سحرتها أمة لها في حجرتها [بول] صبي فقالت : سحرتني ؟ ! فقالت : نعم . قالت : لمه ؟ قالت : أردت أن أعتق . قالت : فإن لله علي (أن) لا تعتقي أبدا ، بيعوها من شر حي في العرب ملكة ، فباعوها ، فاشترت بثمنها إنسانا فأعتقته .
وكرهت طائفة ، وممن كره ذلك : بيع المدبر . ابن عمر
8764 - حدثنا ، قال : حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال : حدثنا أبو النعمان ، عن حماد بن زيد أيوب عن نافع ، عن أنه كره ابن عمر . بيع المدبر
قال : وكره ذلك أبو بكر سعيد بن المسيب والشعبي والنخعي إبراهيم . [ ص: 573 ] والزهري
وقال : لا يباع المعتق عن [دبر] إلا أن يبيع خدمته منه . محمد بن سيرين
وكان يقول في الحسن البصري فقيل له : فإن احتاج صاحبه ولم يكن له شيء غيره فلم يزالوا به حتى رخص لهم ، وكان قوله الذي هو قوله أن لا يباع . ذكر ذلك المعتق عن دبر : لا يباع . عنه . يونس بن عبيد
وقال : الأمر المجتمع عليه عندنا في المدبر أن صاحبه لا يبيعه ولا يحوله عن موضعه الذي وضعه عليه ، فإنه إن رهق سيده دين فإن غرماءه لا يقدرون على بيعه ما عاش سيده ، فإن مات سيده ولا دين عليه فهو في ثلثه ، لأنه استثنى عمله ما عاش ، فليس له أن يحرمه حياته ثم يعتقه على وارثه إذا مات من رأس ماله ولكنه يكون في الثلث ، ويكون الثلثان للورثة ، وإن مات سيد المدبر ولا مال له غيره عتق ثلثه وكان ثلثاه للورثة ، وإن مات سيد المدبر وعليه دين يحيط بالمدبر بيع في دينه ، لأنه إنما يعتق في الثلث ، وإن كان الدين يحيط بنصف المدبر بيع نصفه ثم عتق ثلث ما بقي بعد الدين ، وهذه سنة المدبر التي لا اختلاف فيه ببلدنا . وقال مالك : لا يجوز بيع المدبر ولا يجوز أن يشتريه إلا أن يشتري المدبر نفسه من سيده فيكون ذلك جائزا له أو يعطي أحد سيد المدبر مالا ويعتقه سيده الذي دبره فذلك جائز أيضا . وكان مالك يقول : إن قال إن مت ففلان حر ، [ ص: 574 ] فليس له أن يرجع . سفيان الثوري
وكان يقول : لا يجوز بيع المدبر . وكذلك قال الأوزاعي . الحسن بن صالح
وقال النعمان وأصحابه : ليس له أن يبيعه ولا يرهنه ، وله أن يؤاجره ويستعمله وله أن يزوجه ، ولا يباع المدبر (في دين) على مولاه ، ولكن يسعى ، فإن كان الدين أقل من قيمته سعى في الدين ، وفي ثلثي ما بقي من قيمته للورثة ، ولا تجوز شهادة المدبر ما دام يسعى في شيء من قيمته وهو بمنزلة العبد في جنايته والجناية عليه . وهذا قول النعمان .
وقد روينا في بيع المدبر أقاويل ثلاثة سوى ما ذكرناه : أحدها : أن لا يباع المدبر إلا من نفسه . روينا هذا القول عن ، وهذا يوافق ما ذكرناه عن مالك . محمد بن سيرين
والقول الثاني : قول قال : يبيعه الجريء ويهابه الورع . الشعبي
والقول الثالث : قول قال : الذي أدركنا عليه الناس أن يكره بيع المدبر ، فإن جهل إنسان أو عقل فباعه فأعتقه الذي اشتراه ، فإن بيعه جائز وولاؤه لمن أعتقه . وقال الليث بن سعد : أرى أن يجعل ثمنه في مدبر آخر مكانه . قال ابن وهب : وسمعت ابن وهب الليث وسئل عن قال : أحب إلي أن يجعل قيمته في مدبر آخر . وإني لا أرى ذلك له واسعا إن لم يفعل . المدبر يقتل فيأخذ [ ص: 575 ] سيده قيمته
قال : أبو بكر ، والدليل على صحة هذا : القول الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه باع مدبرا مع إجماع عوام أهل الفتيا من علماء الأمصار على أن المدبر من الثلث وأن حكمه حكم الوصايا ، ولا أعلمهم يختلفون في أن للمرء أن يرجع في سائر الوصايا . وحكم ما اختلف فيه من أمر المدبر حكم سائر الوصايا على أن في بيع النبي صلى الله عليه وسلم المدبر الذي باعه كفاية ومقنع وحجة يستغنى بها . للمرء أن يرجع في تدبير العبد وله بيعه وهبته ويفعل فيه ما يفعله في سائر عبيده الذين لم يدبرهم
8765 - حدثنا ، عن إسحاق ، عن عبد الرزاق ، قال : أخبرني ابن جريج أنه سمع عمرو بن دينار يقول : جابر بن عبد الله نعيم بن عبد الله الكندي : أنا أبتاعه فابتاعه . - قال عمرو : قال جابر - غلاما قبطيا مات عام أول . زاد فيه يقال له أبو الزبير يعقوب . أعتق رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدا له ليس له مال غيره . فقال النبي صلى الله عليه وسلم من "يبتاعه مني ؟ " فقال [ ص: 576 ]
8766 - حدثنا ، قال : حدثنا علي بن الحسن عبد الله بن الوليد العدني ، عن ، عن [ سفيان الثوري ، عن أبي] الزبير جابر بن عبد الله أبو مذكور أعتق غلاما له عن دبر منه قال : فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : هل له مال غيره ؟ قالوا : لا ، قال : من يشتريه مني ؟ قال : فاشتراه نعيم ابن النحام بثمانمائة درهم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أنفقها على نفسك ، فإن كان فيه فضل فعلى أهلك ، وإن كان فيه فضل فعلى أقاربك ، فإن كان فيه فضل فاقسم هاهنا وهاهنا" أن رجلا من الأنصار يقال له : .