ذكر اختلاف أهل العلم في هذا الباب
واختلفوا في فقالت طائفة: لا تستبرأ. ثبت ذلك عن [ استبراء العذراء ابن] عمر .
8531 - حدثنا عن إسحاق، ، عن عبد الرزاق ، عن أيوب، عن معمر نافع ، عن قال: إذا كانت الأمة عذراء لم يستبرئها إن شاء . ابن عمر
وفيه قول ثان: وهو أن البكر تستبرأ. هذا قول ، وعكرمة، الحسن البصري ، وابن سيرين وأيوب السختياني، ، ومالك بن أنس ، وسفيان الثوري ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل وإسحاق . وقال [ ص: 229 ] عطاء: عدة العذراء التي قد حاضت إذا اشتريتها: حيضة. وفيه قول ثالث: وهو أنه إذا اشتراها من امرأة: لا يستبرئها. وإن اشتراها من رجل: استبرأها. هذا قول قتادة .
قال : ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أبو بكر وقال: ولا غير حامل حتى تحيض حيضة . وطء الحوامل من السبايا حتى يضعن حملهن.
واختلفوا في . المعنى الذي له تستبرأ الأمة
فقالت طائفة: الاستبراء يجب لمعنيين: للتعبد، ولبراءة الرحم من الحبل. وممن قال هذا معناه: . الشافعي
وبه قال و [قال] الأوزاعي، عطاء: ، والنخعي ، والحسن البصري إن اشتراها من امرأة فليستبرئها. وكذلك قال وهشام بن حسان: ، مالك بن أنس . وهو قول والليث بن سعد ، أحمد بن حنبل وإسحاق . [ ص: 230 ]
وقالت طائفة: إنما الاستبراء لبراءة الرحم من الولد، فكل من ملك جارية يعلم أنها لم توطأ بعدما حاضت في ملك سيدها إلى [أن] ملكها فلا استبراء عليه، لأن الاستبراء اسم اشتق من براءة الرحم، فإذا علم أن الرحم بريء من الولد فلا معنى للاستبراء .
واحتجوا بأن الأخبار جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم بأنه نهى عن وطء الحبالى من السبي حتى يضعن حملهن، وتستبرأ أرحامهن، وأنه نهى أن يسقي الرجل ماءه زرع غيره. ففي ذلك دليل على أن النهي إنما يقع عن الوطء لعلة الحمل. وفي حديث رويفع عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: فخص الثيب، لأنها قد وطئت، ولم يجعل على البكر استبراء. فإن ثبت هذا الخبر ففيه دليل على الاستبراء لعلة الحمل. وإن لم يثبت، فإنا لا نعلم عن النبي صلى الله عليه وسلم خبرا متصلا بالنهي عن وطء السبايا حتى يحضن غير حديث "من [كان] يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يأتين ثيبا من السبي حتى يستبرئها"، رويفع هذا، وحديث أبي سعيد، وفي كلا الحديثين مقال لأهل العلم بالحديث. هذا قول طائفة من أهل الحديث . [ ص: 231 ]
8532 - حدثنا محمد بن نصر قال: حدثنا قال: حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري محمد بن عبد الواحد بن أبي حزم قال: حدثنا سعيد، عن أيوب، عن نافع ، عن قال: إذا ابن عمر . اشتراها [بكرا] أو اشتراها من امرأة لم يستبرئها
8533 - وروينا عن عكرمة أنه قال في لا بأس أن يمسها قبل أن يستبرئها . الرجل يشتري الجارية الصغيرة، وهي أصغر من ذلك:
وقال في الجارية الصغيرة لا تجامع مثلها: لا بأس أن يطأها، ولا يستبرئها . إياس بن معاوية
وقال : إذا اشتراها من امرأة لم يستبرئها. وإذا اشتراها من رجل يثق به، فقال: لم أطأها: فلا استبراء عليه . سعيد بن المسيب
وقال في الصغيرة التي لا توطأ مثلها: لا أرى عليه استبراء . مالك
قال : وأما جارية لم يكن يطؤها الذي باعها، فإن الذي اشتراها إن شاء أخذ بغير استبراء، وهو ينبغي له أن يستبرئها إن أراد أن يطأها. ومن المرأة ينبغي للمشتري أن يستبرئ لنفسه . مالك
قال : وقد احتج بعض من يميل إلى هذا القول ويقول: إن الاستبراء هو لبراءة الرحم من الولد، فقال: أحل الله جل ذكره في كتابه [ ص: 232 ] وطء ما ملكت اليمين إحلالا عاما مطلقا، فقال: ( أبو بكر أو ما ملكت أيمانكم ) ، فليس لنا أن نحرم على أحد وطء ما ملكت يمينه في حال من الأحوال إلا بحجة من كتاب، أو سنة، أو إجماع، أو ما في معنى بعض هذه الأصول .
فإذا فوطؤها مباح من غير أن يستبرئها، لأنه لم يثبت في تحريم وطء هذه خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا اتفق أهل العلم عليه . ملك الرجل جارية فعلم في الظاهر الأغلب أنها لم توطأ بعدما حاضت أو كانت ممن لا تحمل مثلها
فإن قال قائل ممن يرى أن الاستبراء تعبد، قد وجدنا من النساء من تحيض على الحبل، فإذا كان الاستبراء عندكم لعلة الحمل فقد يلزمكم أن لا تبيحوا وطأها بعد الحيضة الواحدة، لأنكم لا تدرون لعل بها حملا، لأن المرأة قد تحيض على الحبل، قيل لا [يلزمنا] من ذلك شيء، إلا لزمكم مثله، لأنكم تبيحون وطأها بعد الحيضة فيلزمكم في [هذه] مثل ما ألزمتمونا في تلك .
فإن دفعوا ذلك بأن الذي يجب أن يحمل عليه الأغلب من أمر النساء، إذ الأغلب من أمورهن أنهن لا يحضن على الحبل، فالجواب فيما أدخلوا علينا كالجواب فيما يدخل عليهم في هذه .
وقال قائل: يقال لمن قال: إن الاستبراء تعبد: ما تقول في رجل تزوج بأمة ثم طلقها - بعدما وطئها - (طلقة) واحدة يملك رجعتها، [ ص: 233 ] أو خالعها، هو غير مالك لرجعتها ثم اشتراها من ساعته قبل أن تغيب عنه، هل عليه أن يستبرئها، وهو يعلم أنه منذ تزوجها لم يطأها غيره، وقد حاضت عنده حيضا؟ فإن قالوا: ليس عليه استبراء تركوا قولهم إن الاستبراء تعبد لعلة الملك .
وإن قالوا: يستبرئها، قيل: يستبرئها (بنفسه) ، أو من غيره؟ فإن قالوا: من نفسه فقد أتوا بما لا معنى له و (ما) لا يخفى على أهل العلم غلطهم فيه. وإن قالوا يستبرئها من غيره، قيل لهم: وكيف يستبرئها من غيره، وهو يعلم أن غيره لم يطأها منذ تزوج بها!