ذكر مواريث أهل الذمة
اختلف أهل العلم في النصراني يترك ورثة يهودا ، وفي اليهودي يترك ورثة نصارى أو مجوس .
فقالت طائفة : الإسلام ملة ، والشرك ملة ، يرث أهل الإسلام بعضهم بعضا ، وكذلك أهل الشرك يرث بعضهم بعضا ، يرث اليهودي النصراني ، والنصراني المجوسي ، هذا قول الحكم ، وحماد ، ، وابن شبرمة ، وسفيان الثوري ومالك ، ، والشافعي ، وأبو ثور وأصحاب الرأي .
وقالت طائفة : اليهودية ملة ، والنصرانية ملة ، والمجوسية ملة ، [ ص: 475 ] فلا يرث اليهودي النصراني ، ولا النصراني اليهودي ، ولا المجوسي .
هذا قول ، الزهري وربيعة بن أبي عبد الرحمن ، ، وابن أبي ليلى والحسن بن صالح ، وأحمد ، وإسحاق ، وقد احتج بعض من يقول بهذا القول بالحديث الذي روي عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : عبد الله بن عمرو ، واحتج آخر بأن كل ملة من هذه الملل تشهد على التي تخالفها بالكفر وتتبرأ منها ، ولكل واحدة منها شريعة غير شريعة التي تخالفها ، ألا ترى أن اليهود تقر بنبوة "لا يتوارث أهل ملتين شتى " موسى وتنكر نبوة عيسى ، والنصارى تقر بنبوة عيسى ، وهم مختلفون في أصل التوحيد ، قال الله - جل وعز - : ( وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء ) إلى آخر الآية .
وقال بعض من يخالف هذا القول ويزعم أن الكفر وإن كانت ملل فإن بعضها يرث بعضا; لأن الله ورث الآباء من الأنباء ، والأبناء من الآباء ، ذكر ذلك في كتابه [ذكرا] عاما ، فعلى ظاهر الآية يرث كل [ ص: 476 ] من وقع عليه اسم ولد ووالد ، فلما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " وجب أن يستثنى من جملة الكتاب من استثناه النبي صلى الله عليه وسلم ، أو من أجمع أهل العلم على أنه لا يرث من المماليك [والقتلة] ، وكل مختلف فيه - بعد (. . .) وجب أن يستثنى مما ذكرناه - مردود إلى ظاهر كتاب الله ، ولا يثبت حديث "لا يرث المسلم الكافر ، ولا الكافر المسلم الذي فيه عبد الله بن عمرو " ولو ثبت لجاز أن يريد الإسلام والكفر ، فيكون موافقا لحديث "أنه لا يتوارث أهل ملتين شتى عن النبي صلى الله عليه وسلم . أسامة بن زيد