ذكر اختلاف أهل العلم في هذا الباب
اختلف أهل العلم في الأسارى، فقالت طائفة: الإمام بالخيار إن شاء من عليهم، وإن شاء قتلهم، وإن شاء فادى بهم، وإن شاء من على [ ص: 234 ] بعضهم، وقتل بعضهم، وفادى بعضهم، ولا ينبغي له أن يقتلهم إلا على النظر للمسلمين من تقوية دين الله وتوهين عدوه وغيظهم، وقتلهم بكل حال مباح، هذا قول وبه قال الشافعي، وهو مذهب أبو ثور، . أحمد بن حنبل
وقال في الرجال البالغين: ذلك إن شاء قتلهم وإن شاء فادى بهم أسراء المسلمين . مالك
وقال في الأسير: يقتله إن شاء، وإن شاء عرض عليه الإسلام، فإن أسلم فهو عبد للمسلمين، وإن شاء من عليه، وإن شاء فادى به أسراء المسلمين . الأوزاعي
وكان سفيان الثوري، وأبو عبيد يقولان: إن شاء قتلهم، وإن شاء فادى بهم، وإن شاء من عليهم، وإن شاء استرقهم . الإمام مخير في أسراء المشركين
وقال أصحاب الرأي في الرجال البالغين: إن شاء أن يعرض عليهم الإسلام فعل، وإن لم يعرض فلا بأس، فإن شاء ضرب أعناقهم، وإن رأى أن يمن عليهم ويصيرهم فيئا يقسم بين المسلمين فعل، وينبغي للإمام أن ينظر أي ذلك خير للمسلمين، فإن كان قتلهم خيرا للمسلمين وأنكى للعدو قتلهم، وإن رأى أن يصيرهم فيئا ويقسم بين المسلمين، ورأى ذلك خيرا فعل، وإن رأى قتلهم فلا يقتل شيخا [ ص: 235 ] كبيرا، ولا مقعدا، ولا أعمى، ولا مصابا، ولا زمنا، ولا امرأة، ولا صبيا، (ويكونون) فيئا للمسلمين على كل حال أسلموا أو لم يسلموا، ويقسمون مع الغنيمة .
6222 - حدثنا عن علي بن عبد العزيز، أبي عبيد، حدثنا عن عبد الله بن صالح، معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن في قول الله - جل ذكره - : ( ابن عباس، ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض ) ، قال: ذلك يوم بدر والمسلمون يومئذ قليل، فلما كثروا واشتد سلطانهم، أنزل الله بعد هذا في الأسارى: ( فإما منا بعد وإما فداء ) ، فجعل الله النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين في الأسارى بالخيار، إن شاؤوا قتلوهم، وإن شاؤوا استعبدوهم، وإن شاؤوا (فادوا بهم) ، ثم أبو عبيد بعد في استعبدوهم . [ ص: 236 ]