304 - أخبرنا خلف بن عمرو العكبري ، قال : حدثنا الحميدي ، قال : سمعت وكيعا يقول : ( أهل السنة يقولون : " الإيمان قول وعمل " ، والمرجئة يقولون : " الإيمان قول " والجهمية يقولون : " الإيمان المعرفة " ) .
قال محمد بن الحسين :
من قال : الإيمان قول دون العمل ، يقال له : رددت القرآن والسنة ، وما عليه جميع العلماء ، وخرجت من قول المسلمين وكفرت بالله العظيم .
فإن قال : بم ذا ؟
[ ص: 685 ] قيل له : إن الله تعالى أمر المؤمنين بعد أن صدقوا في إيمانهم أمرهم بالصلاة ، والزكاة ، والصيام ، والحج ، والجهاد ، وفرائض كثيرة ، يطول ذكرها مع شدة خوفهم على التفريط فيها النار والعقوبة الشديدة .
فمن زعم أن الله تعالى فرض على المؤمنين ما ذكرنا ولم يرد منهم العمل ، ورضي منهم بالقول ، فقد خالف الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، قال الله تعالى لما تكامل أمر الإسلام بالأعمال قال : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : وقال صلى الله عليه وسلم : " بني الإسلام على خمس . . . " ، " من ترك الصلاة فقد كفر " .
قال محمد بن الحسين :
ومن فقد أتى بأعظم من مقالة من قال : " الإيمان : قول " ، ولزمه أن يكون إبليس على قوله مؤمنا ، لأنه قد عرف ربه ، ( قال : " الإيمان : المعرفة " دون القول والعمل ، قال رب بما أغويتني ) ، وقال : ( رب فأنظرني ) . . ولزمه أن يكون [ ص: 686 ] اليهود - بمعرفتهم بالله وبرسوله - أن يكونوا مؤمنين ؛ قال الله تعالى : ( يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ) فقد أخبر عز وجل أنهم يعرفون الله تعالى ورسوله .
ويقال لهم : أيش الفرق بين الإسلام وبين الكفر ؟ وقد علمنا أن أهل الكفر قد عرفوا بعقولهم أن الله تعالى خلق السماوات والأرض وما بينهما ، ولا ينجيهم في ظلمات البر والبحر إلا الله ، وإذا أصابتهم الشدائد لا يدعون إلا الله .
فعلى قولهم - إن الإيمان المعرفة - كل هؤلاء مثل من قال : الإيمان : المعرفة . على قائل هذه المقالة الوحشية لعنة الله .
بل نقول - والحمد لله - قولا يوافق الكتاب والسنة ، وعلماء المسلمين الذين لا يستوحش من ذكرهم - وقد تقدم ذكرنا لهم - إن الإيمان معرفة بالقلب - تصديقا يقينيا - وقول باللسان ، وعمل بالجوارح ، لا يكون مؤمنا إلا [ ص: 687 ] بهذه الثلاثة ، لا يجزئ بعضها عن بعض ، والحمد لله على ذلك .